VIII

46 3 0
                                    

الحمدلله

أخذت نفسًا عميقًا وحركت ذراعاي بشدة, أشفقت على حالي الذي وضعت فيه, والذي كان سببًا في نظرات لاعبي فريقي إلي في هذه اللحظات.

غيث الذي جعلني أغوص في دوامة من التساؤلات بسبب قراره الغريب ذاك, لم يوجه لي أي نصيحة لكي لا أجلب العار للوحوش, بل وقف في الملعب دون حراك, فقط ينظر ناحيتي لثوانٍ ثم يعيد السرحان في الفراغ.

كان غريبًا, لكن لم تدم غرابته, فقد عدل من وضعيته حين استؤنفت المباراة لتعود الكرة للرقص في الملعب مجددًا.
لاحقت الكرة بنظري لكن عيناي توسعت حين تذكرت أنني مهاجم الآن ولست متفرجًا فحسب, وحين ركضت بإتجاه سلة الخصم, سمعت خطى تأتي من خلفي, تقترب لي بسرعة, وكأن هناك صعقة أصابت رأسي فجأة لكن لم يكن لدي وقت لها، التفت للوراء لأجد وجه نسيم الذي ينظر لي بشراسة وكأنه يحذرني من ألا أخطئ, رمى الكرة ناحيتي وقد أصبت بالذعر حين رأيت وجوه اللاعبين تلتفت لي في ذات اللحظة.
"هيا!"
صرخ نسيمٌ لأجري بكل ما أملك من طاقة، بكل ما أملك من استطاعة لتحريك ساقاي بسرعة، نظرت للسلة المرتفعة جدًا عني والتي بدت وكأنها تتحداني لأسجل, انحنيت بجذعي بسرعة حين رأيت السديم يحاصرون السلة, قفزت وحين حاولت رمي الكرة اهتزت يدي, صررت أسناني وخرجت "تبًا" مني.

حين لامست قدماي الأرض لحقتني الكرة مرتطمة بقوة بالأرضية, نظرت خلفي انتظر صراخ الحمقى في وجهي فإذا بأحدهم يقفز علي صارخًا بفرح هو والبقية
"بهاء! إنها ثلاث, ثلاث نقاط!"

لم أصدق ما وقع على مسامعي لوهلة, لم أتوقع ولا حتى واحدًا بالمئة أن رميتي ستوفق وأحرز هدفًا, لم أستطع كبح الإبتسامة التي صعدت على شفتاي.
قابلني غيث بوجهه الذي بدا متعبًا فجأة, حاول الابتسام بصعوبة
"أحسنت."
قالها ثم أعطاني ظهره, لم يسمح لي الوقت بأن أتعجب مما حصل فقد عاد الجميع لمكانه لاستكمال المباراة.

اصطدم أحدهم بكتفي بعنف
"لم يكن هذا سيئًا."
ولأول مرة منذ لقائي بنسيم، ابتسمت بصدقٍ دون سخرية على أمر فعله.

-

استمرت المباراة كأي مباراة عادية ربما؟ لا أعلم لستُ على اطلاعٍ بهذه الأشياء.
وعندما انتهت بالتعادل الذي جعل كلا الفريقين يرمون بنظراتٍ من نار ناحية الآخر، كنت أنا غارقًا في التساؤلات الخاصة بي.
حينما انتهيت من سكب قارورة المياة الباردة على رأسي الذي لم أرفعه، رفعت مقلتاي أسترق النظر من بين خصلات شعري التي كانت تغطي معظم رؤيتي، أنظر للابتسامات التي ترتمي من أحدهم في الأنحاء حتى مع تعادلنا مع السديم، ومع ضحك الأخر على حديث رفيقه المبتسم أعدت نظري للأسفل ليدخل صوت دهس العشب لأذناي، وتأتيني نبرةٌ هادئة عائدة لصاحب المئة شخصية ترسم الجملة التالية:
"ما رأيك بأول مباراة لك؟"

بِلا نورWhere stories live. Discover now