VI

62 3 1
                                    

لا حول ولا قوة إلا بالله

استمر بقائي في نادي كرة السلة لأسبوعين، أسبوعين كانا كافيين لجعلي أعتاد على هذا كله، من تدريب وجري، رمي الكرة والإمساك بها وحتى تمريرها، لم أصل لمستوى يجعلني أتفاخر بمهارتي لكنني حقًا تطورت.

في هذا اليوم لم أحضر في الموعد المحدد للنادي؛ بسبب إنشاغلي في مراجعتي لاختبار الغد خلف رفوف مكتبة المدرسة، فبعض الطلاب الحمقى يكتسحون طاولات القراءة للثرثرة وحدهم، لملمت حاجياتي القليلة متجهًا بكامل إرادتي نحو المربع البرتقالي والذي بدأت أتقبل كوني جزءً منه، في العادة حين أدخل ينظر البعض نحوي بسبب أن أشعة الشمس القوية تدخل قبلي جاذبة انتباههم، لكن هذا اليوم الجميع كان واقفًا يشاهد غيث وأحد اللاعبين يجريان مبارةً ودية أو ربما تحدٍ.

وقفت بجانب نسيم فقد كنت فضوليًا لأرى ردة فعله تجاه لعب غيث، كان مكتف اليدين معقد الحاجبين كما أعتدناه، لكنه كان مركزًا بشدة على تحركات الأثنين، حولت نظري إليهما وقد كانا جيدين حقًا، ما أثار تعجبي هو غيث، في العادة كان حين يدخل الملعب يصبح شخصًا جديًا وكأنه عجوز خرف وصارم، وحين تطأ قدماه خارج حدوده يصبح طفلًا مرحًا لدرجة مزعجة، لكنه الآن وضع شخصيتاه معًا ليظهر شخص جديد على هذه الساحة، يبتسم إبتسامة مرحة لكنها كانت تشبه إبتسامة شخص مجنون في الوقت ذاته، يعقد حاجبيه بصرامة وعيناه مركزتان بشدة على الفتى المقابل له، لا أستيطع تحديد هل هو يلهو معه أم هو جاد.. هذا الفتى بدأ يخيفني.

"لقد اشتقت لرؤية الكابتن يلعب هكذا."

"أنت محق الأمر ممتع لأقصى الحدود!"

تهامس بعضهم بجانبي وقد استمتعت بكملة "تبًا" التي ألقاها نسيم، سرقت نظرةً لأرى تعابيره المنزعجة وما أثار دهشتي هو ابتسامته الكبيرة التي كانت على وجهه، أهو مستمتع؟ لا، هو متحمس لمبارة غيث بالتأكيد.

لعبُ غيث كان رائعًا، أنا أعترف.
هو سريع لدرجة أشعر أنه سيختفي ويظهر في الجهه الأخرى فجأة، جسده وخطواته ثابتة، قفزاته خفيفة وسلسلة.

"رائع، أحسنت، أنت الأفضل، كان هذا جنونيًا..." والمزيد من الهتاف حين سدد غيثٌ الكرة.

وقف نسيم أمام غيث الذي انتهى لتوه غير سامحٍ له بالراحة
"فالتباريني الآن!"

أوقفه أحد الزملاء بوضع يده على كتفه
"نسيم إن غيث يختار أحدنا كل فترة بناءً على من يعتقده قد تحسن عن ذي قبل؛ ليقيسَ مدى مهارته، هو لم يختركَ بعد."

أبعد نسيم ذلك الفتى عنه قائلًا:
"لا أهتم بما يريده، أنا أريد هزيمته ومحو تلك الإبتسامة الغبية من على وجهه."

بِلا نورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن