هِيدرَانجيا: مَشهد 9_ شَرخ وِجدان

66 5 0
                                    

مَا أنت ؟
  أَ أنتَ موت أم حَياةِ !

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

أخَذت زَينب تـجر أونور الذِي لم يمانع تَعلقها الغَريب بعُنقه بل جَاراها في فِعلتها كأنها يعـرفها منذُ دهرٍ ولَّى ...  جَلسَا جَانب بَعضهما بعدَ أن دَفعت زَينب أحدَ أصدقائهم بَعيدا ، لِنَقُل رَكَلته بالمَعنى الحَرفي ....
أخَذَ الجَمـيع يتبَادل جَوانبَ الحَديثِ مَع مُحاولَتهم لِضمِ أونُور الشَارد للحـديث ، و الذِي لازَال يَرمي بِيده على عُنق زَينب و التِي لازالت تَفعل المِثل مَع تَحديقها الشَديد بِهاتفها الأزرق تحديدًا .
حَمحَمةٌ جَذبت انتِباهَ الثُنائي المنشَغل نوعًا ما ، رَفعَا رأسَيهما سريعًا يبتَعدان عن بعض مع التَحديق بالسافـل الذي قَطع جولةَ التـحديق بالسَقف نسبةً لأونور و جولة تحديقٍ بالوسيمين نسبة لِزينب .
_" ما خـطبك آنا ؟ "
هذا ما قَالته زَينب تـرمي بِنظراتها الخَالية على آناستَازيا و التي تعقد يداها لِصدرها تَميل بِجذعها لتستنِد على ظهر أنِيس أخيها الأكبر تنطـق بنبرةِ مندَهشة :
_" لَا يُـعقل أنك تعرفـينه أيَتها الخَبيثة "
_" أنَا أعرف حَتى زوجَكِ المستَقبلي ..و رُبما أكثر من معرفة سطحـية ..لما السؤال !"
هَذا الجواب من طَرف زينَب جَعل الأخرى تَرفع حاجِبيها عاليّا مع حملِها لكأس تنوِي رمـيَه عليها لَولا يدُ أنيس التِي أمـسكتها في آخر ثانية ... و رفـع زينَب لإصبعها الأوسط
_" عَصـبية ..."
كَلمة وحيدَة خـرجت من بَين شِفاه أونور جَاعلةً من كُل الأعـين نَحوه ، هُو فقط قَام بالتَعبير عن رأيه البَسيط في تِلك الفَتاة المُشتعلة ...و هَذه الصفة تَستفزه
_" عفوًا .."
_" و أخيرًا هناكَ من وضعَ حدًا لكلامِك اللامُتناهي آنا "
استِغراب آنا من كلمَته و ردُ أنيـس جَعل زينـب تتركُ هاتفها جانبًا تُخرج تنهِيدة طَويلة من جَوفها .
_" أتنتظِرينه أن يمـسح على راسك ، حتمًا أنت عَصبية لا تتحكـمين في نفسك و الدَليل هو اقتـحامك و أخيك خُلوتِي الجميلة و قطـع هذا السيد عن جلسته المنعزلة منذ قليل غصبًا ... غبية "
أدَار أونُور رأسه لَها يرى كيف رفعت طرفَ شفتها بانزعاج تُخـلخل يدَها اليمنَى في شعـرها مع ظهُور تـلك الخصـلة الزَرقاء مـرة ثانـية ..يتساءَل عن سِر تلـك الخصـلة الوحيدَة ...إنها ذاتُ شخصـية قـوية مظهرًا و داخلًا ، لِباسها يوحِي بِذلك و كذلك كيفِية تصفيفها لشعـرها بِنمطٍ ذكورِي كأنها تُبدِي للعالم أنها لا تهتم لرأس لعِين منهم ، لـكن مَلامحها لَطيفة رغم البُرود الذِي يعلوُها .
_" فِي حين وصولِ الأكـل لِنلـعب لُعـبة "
من نَطق بِكلماته فجأة كَان أنيس يَجذب مرة أخرى انتباه البعـض ، غَير الثنائيات في آخر الطاولة من يَتبادَلون الحُب اللعـين بدل الكَلام المُفيد .
_" لِما لَا ، و منـه نتعرف على زَميلنـا الجَديد في العَمل .."
قَالـت دينيِس ، فتاةٌ يبدو ورغم جلوسِها أنها طَويلَة بِجسدٍ رشيق ، شـعر أحمر كالنَّـار المشـتعلة في الهَشيم ، و نَمشٌ على سائر وجهها ..يبدُو كَمن نَثر حَباتِ رمـلٍ ذهَبي أثناء الغروب على ملامـحها ، و كَمن صب من أنهَار العسَل في عَينيها حَتى اكتفائهِم .
_" حسنًا لتسألـوا ما بِبالـكم يا شباب ، فِي الحـدود "
أجابَها أونور يومِئ برأسه يعـطي موافَقته لمَجموعـته الجَديدة ، لا يقـصد أن يكونَ وقحًا مرة أخرى لكِنه يَحِن لرفـقته فِي البلادِ الأخـرى ، تبًا لحُلمه ... أحيَانًا يتساءَل لمـا اختار أن يكون باليرينُو رغم دِراستـه للاقتصاد في الجـامعة  ... لكـن هذا الهَوس انفَلقَ بداخـله منذُ الطـفولة ... منذُ الحـادث ذاكَ هنا .. في بارِيس ، عندمَا كـان يبلغُ من العـمر عقدًا واحـدا فقط .
_" فَقط فلتُحدِثنَا عنكَ قليلًا ، و الباقـي سيظـهر مع دَقاتِ الساعة "
أنيس من حـاول تَخفيف الضغط و محاولةً منه لقمـع الأسئلة الغريبة التـي كانت ستنطلق من جوفِ أصدقائه .
رفعت زينَب راسها من عَلى الطـاولة تعَدل مَلابسـها قائلة بمَلل ظاهر :
_" كَما تعلم ، اسمـك الكَامل بجانـب عمرك و جنسيتِك ، هـذا يكفي للتعرف يا أغبياء "
_" لا ضَرر إذن ، أونـور ييلمَاز ، بالرابع و العـشرين تحديدًا ، تـركِي الأصل... لكن ألم أقل هذا في الدَار ؟ "
_"نَسينَا ، لا تستعـجب كلنَا نَملك ذاكِرة أسماكٍ "
هَمهم أونور ردًا على دِينيس و التـي فتحت فاهَها تقول الحَقائق و الدليل أن الكـل أومأَ برأسه مع ملامح تدُل على النـدم لكنهم يسخَرون ...
قاطـع جولة الأسئلة المـكونة من سؤال واحد قـدوم النَادل بأطباق أكلهم مع الرائحة المنـطلقة منهم .
_" الان هو وقـت الكَلام يَا سادَة " .
_________________________________________

هِـيدرَانجـيَا : القَلب المُخلِص HYDRANGEAحيث تعيش القصص. اكتشف الآن