هِيدرانجيا: مشهد 14||سَارقة التشِيلو.

33 4 0
                                    

دَارُ أوبرا إسطنبول| الثامِنة صبيحَة ثمالة المَشاعر:

_" مِن وجهة نظركِ آنسة بُورجوا ، حسـب ما يزعـم المدربٌ أن رقصَ البالـيه لا يقتَصر على الموسيقَى الكلاسيكية و لا ينحصـر بين عرض جيزيل و عرض بحَيرة البجَع ، أصحِيحٌ هذَا ؟! "
لم تخـف نبرةُ التساؤل و التعجب في سؤالِ المذيعَة عَلى زينب ، بل هو مُتوقع هذا و بمُرور الوقت على هذه المقابـلة و تناوبها على الإجابة على أسئلة المذيعين مع أونور كَانت ستصـل لحظة أين يطلبَان برهانًا على ما يكسـر نظرية أن الباليه فن كلاسيكـي يقبعُ بين حدّين ، إلا أنه و كأي فن آخر ...هو يتمحور حول الزمان و المكان بشكل أو آخر و يتحور بل يَتطور ... فالباليه عند بداياته ليس نفسه اليوم موضوعًا فقط و ليس مفهوما فالفن مهما تنوعت فروعه سيبقر هدفه واحدًا هو اكتشاف الذات و إطلاق العنان لروحٍ مجروحة .
_" بإمكَاني إثباتُ هَذا برقـصة نختمُ بهَا هذا اللقاءَ "
مَا قالته بلغة تركـية سلِسة أوقف كل شخص في القاعة لأنه لم يكـن من المفروض عليها أن تؤدِي شيئا قبل الافتتاح و لهذا تحركَ أونور في مكانه بينمَا يمسحُ على وشمِ رسغـه مرات عدة ليقَرر ما سيقوله لاحِقًا :
_" فلتَكن رقصةً ثنائية إذن ، اختارِي أيّ أغنِية ."
لَا ، تبًا ... لم يَكن هذا ما خططت لَه زينب و هي ترَى أونور يقف بطولهِ متجهًا نحو المسـرح و خلفه المصور بينما هي تجمدت مكانَها ، ما قالته كان سببا لتغادر المجلس نتخلص من تحديق أونور برسغها تارة و بِشعرها تارة أخرَى ، و تعلم أن سؤالًا طرحه المذيع أول المقابلة ما جعله بهذه الحال يحدق في خصلتها الزرقاء التي ظهرت بعد أن تم تصفيف شعرها و تبـرجها و وشم رسغها الذي تخلصت منه و الشكر لخافي العيوب .
ما فكرت به الآن هو ان تموت في محلها قبل أن ترقص مع أونور ... كالماضِي تماما.
رقصَا معًا يومًا ، عند منتصف الليل في دار الأوبرا ، عند نهر السين ، في متحف اللوفر و تحت قطرات المطر .
أعلى برج إيفل و تحت بوابةِ باريس... و فِي منزلـه أين قضت كل أيام عامَين إلى أن كتب عليها قدر الآثمين و وشمـت بأثر المهجورين .
الأمر لم يكن حول ذكرياتها أو ذكرياته و رغم تماسكه و ملامح وجهه إلا أنه لم يتوقف عن لمس رسغه يُذكر نفسه ربما من كان و من هو الآن.
بل الأمر كان حول رجفةٍ حلت بعظامها تكاد تقسم انها إن وقفت ستخذلها قدميها و الكعب الذي ترتديه ، ما أوقف هذا التفكير المفرط كانت سيلين و هي تتقدمُ ناحـيتها تحمل حذاءَها للرقص تطلب منها ارتداءه ، أخذته من يدِها و هِي ترى تلك النظرة التي تعلُو تقاسيمَ وجهها و لم تُعجبها ... سيلِين لم تقتَنع أن زينَب قد تَخطت الأمر ، و زيـنب ليست بقِادرة على شَرح أن لعنة القلوب دائمة و ذاك السحـر لم يـفكوه حتى .
قدرهُما حَارق كدِمائهما و لا صقِيع بإمكانه قتل ما حيَى بينهما و اشتعـل ... لَا تدرِي ما مقدَار التعلق الذِي بلغَته لكن بقدره كَبُر الألم و اشتد على خَافقها هُناك و هي تجلـس تراهُ يتحدثُ مع هَذا و ذَاك و يده على رَسغه كأنه بإحكامه قبضته على تلك البقعة يمسكُ نفسه من النظر ... النظر إليها كَما اعتادَ أن يـفعل .
__________________________

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Dec 12, 2023 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

هِـيدرَانجـيَا : القَلب المُخلِص HYDRANGEAWhere stories live. Discover now