الفصل الرابع

307 20 1
                                    

"اختار من لا يهون عليه حزنك، وليس من يحزنك".

يقف داخل المطبخ كالتائه، لا يعلم من أين يبدأ ولا إلى أين سينتهي، الكثير من الأطباق بكل مكان، زيت مسكوب، دقيق مبعثر، خضروات شبه مقطعة، والكثير من البيض المحروق ولبن قد فار.. هل هذا طبيعي أن يحدث ! سؤال محير، ولكن بالنسبة لشخص لا يدخل المطبخ سوى لشرب الماء، أو مناغشة زوجته وأولاده فربما طبيعيًا.. ربما.

مسح على وجه، ثم شعره وتنهد يحدث نفسه:
_وبعدين بقى فى اليوم اللي مش باين دا ! دلوقت العيال هيقوم جعانين وعاوزين يفطروا قبل المدرسة..

زفر بقوة وأمسك بيد الطاسة متعجبًا:
_والبيض دا ماله كده شكله غريب، حتى ريحته مش لطيفة خالص.. هو مش المفروض بنحط الزيت على النار وبعدين نفقشة ونرش ملح ونسيبه يحمر، أومال ماله احمر بضمير كده ليه؟

حك رأسه، صمت يفكر وعاد يتابع مرة أخرى بحماس:
_بس أنا أحسن حاجة أطلب أكل جاهز على السريع.

نظر لساعة يده، وقال متحسرًا على نفسه وما وقع به؛ بسبب غباء زوجته العزيزة:
_يا دى النيلة، الساعة لسه 6 الصبح، معقول فيه مطاعم هتكون فتحه !!

أخرج هاتفه ناويًا إجراء سيرش عن المطاعم المتاحة، لكن جرس المنزل أوقفه، تعجب من الذى سيأتي إليهم مبكرًا هكذا وهو يتقدم نحو الباب ليفتح.

مجرد أن فتح حتى وجدها تقف أمامه، عينيها حمراء، وتنظر إليه بندم واضح.. تصنم مكانه للحظات فهو قد اشتاق إليها لن ينكر، تعانقت العيون بدلًا من الجسد، هو بعاتب وهى بأسف، ولكن المشترك بينهم هو الحب والاشتياق.
____________________________________

_صباح الخير يا كل الخير اللي فى حياتي.

قالها "أدهم" بحنية بعدما استيقظ على لمسات رقيقة من أنامل "وتين" على وجهه .. فردت بضحكة مرحة وهى تنظر إليه:
_صباح النور يا "أدهم" باشا ! مش كفاية نوم بقى.

وضع كفيه أسفل رأسه وتساءل بخبث:
_هو أنا لحقت أنام يا حبيبي !

ضربته فى كتفه متذمرة بطفولية محببة:
_"دمي" بقى الله.

ثم همت بأن تنهض من جواره، فكان الأسرع حينما قبض على معصمها وجذبها برفق لتعود إلى أحضانه مجددًا، وهمس لها:
_تعرفي إنك وحشتني.

ارتسمت الوان قوس قزح فى وجهها وتبسمت:
_دة احنا لسه شايفين بعض من ساعات يا "أدهم".

رفع إصبعه يمرره على بشرتها المرمرية وقال بصدقًا:
_حتى وأنا شايفك بتوحشني، بتوحشني وإنتِ معايا وقدام عيني.. وإن صح التعبير فإنتِ مينفعش تبعدي عنى لحظة؛ لأنك "وتـيـنـي".

ادعت الجهل أو أرادت أن تستمع إلى الإجابة التى كل مرة تكون مختلفة عن سبقتها.. فهو يتفنن فى حبها بطريقة تعجز عن فهمها وتذيب قلبها:
_لحد امتى هفضل "وتينك" يا "أدهم"؟

بين حبي وحربك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن