الفصل الثالث عشر

231 21 3
                                    

"عـزيـزتـي، كيف أخبركِ أن مرةً واحدة؛ كانت كافية لأحبكِ عمرًا كاملًا!"

تمتلك الأنثى ما يسمى بالحاسة السادسة، تخبرها أن هناك خطب ما على وشك الحدوث أو تنبأها حينما تسشعر شيء لا تحبه يقترب منها، وهذا ما حدث مع "علياء" بمجرد أن وطئت قدم تلك الغريبة أعتاب القصر، لم يرتاح قلبها الذِى دق بعنف، خاصة وهى ترى نظرات "زين" تكاد تلتهمها حية.

قطع "أدهم" التواصل البصري بين الثلاث، وجرح الصمت الذِى حاوط المكان يقول بجدية مشيرًا نحو تلك الدخيلة:
_أقدم ليك "سرابيل سامح أيمن"، بنت النقيب..

ولم يكد ينهي حديثه حتى سمع صوت شهقة مصدومة، التفت للخلف ليجد "وتين" تقف بعيدة عنه بخطوتان وقد أغرقت عيناها بالدموع، ورغم تعجب الجميع إلا أن "أدهم" كان يعلم ما يجول بذهنها هذه اللحظة، فهذا الاسم ذكرها مباشرة بكُل أحداث الماضي التي حاولة طيها مع مرور الزمان.. وها هى الآن تتفتح لتنقض عليها بشراسة قاسية.

دنت منها ببطئ وبأقدام مرتعشة وقفت أمامها، ظلت عدة دقائق تطالعها عن كثب، وعلى حين غرة توقتها بذراعيها فى عناق شديد:
_أنا آسفة.

جملة من كلمتين ظلت ترددهم ببكاء حار، وكل ما تسمعه الآن إطلاق النار على القصر، تبعها أكاذيب اكتشفت فيما بعد حقيقتها، وأن من راح ضحية ذلك اليوم كان "أيمن"، والذِى كان من المفترض أن يكون "علي" مكانه، والأسوء أنه مات بسبب من يطلق عليه "الشيطان".. أى أبيها!

تجمدت "سرابيل" تلك الفتاة رقيقة المشاعر والقلب، لأول مرة منذ سنوات طويلة تشعر بالدفء بهذا الشكل، ارتعشت تقاوم بكاءها وبتردد شديد بادلتها العناق:
_حضرتك ملكيش ذنب.

شددت "وتين" من ضمها وهزت رأسها، وقد غلب البكاء على نبرتها المتحشرجة:
_إنتِ متعرفيش حاجة، أنا السبب فِى اللي حصل مع...

قاطعتها قبل أن تُتمم جملتها بقوة لا تمتلك منها شيء، لكن مجبرة على التماسك والتظاهر بأن كل شيء على ما يرام، رغم أن لاشيء.. لاشيء مطلقًا على ما يرام:
_عارفه كل حاجة يا طنط، عارفه من زمان أوي؛ وعشان كده بقول لحضرتك مفيش داعي تعتذري عن حاجة إنتِ بريئة منها ومكنش ليكِ دخل فيها، موت...

قطمت شفتاها بوجع، وصمتت تبتلع غصة مريرة بحلقها ورفعت أناملها تمحو دمعة تمردت على خدها، ثم اكملت بحسرة:
_موت بابا كان قدر، ومحدش فينا بيقدر يغير قدره.

موت.. قدر.. بكاء.. آسف.. ندم.. ماضي.. سر.. كانت تلك الكلمات تشكل علامات استفهام داخل عقل "ملاك" ولكن الأهم أن والدتها أيضًا على معرفة سابقة بتلك الفتاة!

_أنا مش فاهمه حاجة! هو حضرتك تعرفيها؟

ومع صمتها، انتقل نظرها نحو أبيه ثم أخيها الذِى لم تفارق عينه "سرابيل" حتى لثانية، كان كمن صام شهرًا كاملًا وها هو آذان إفطاره قد حان.. فقالت بحدة مصدرها فضولها:
_حد منكم يتكلم، أنا عاوزة أفهم اللي بيحصل هنا، ومين هو "أيمن"! وأى علاقة موته بينا؟ ليه ماما بتتآسف على حاجة احنا معندناش علم بيها؟

بين حبي وحربك Where stories live. Discover now