الفصل السابع عشر

200 17 1
                                    

في أحد الطرقات الجانبية هتف أحدهم فجأة صارخًا:
_الطفل لن يتحمل، أقول لك أن أفعل هذا بكُل رضا.

فـ أردف الآخر بعصبية وقد احمر وجه:
_وأنا لن أسمح بذلك.. فأنت كـ أخي وأكثر.

وقبل أن يرد الآخر أقتربت فتاة نحو "عدي" بإعجاب:
_اعذروا تطفلي يا صاح، ولكنِ استمعت لحديثكم دون إرادة وعلى ما أعتقد حل مشكلتكم هُنا.

تبادل النظرات فيما بينهم، ثم أجاب عليها بثبات:
_ماذا فهمتي؟

مالت عليهم قليلًا ووضعت يدها على قلبه:
_لا داعي للتضحية بقلبك الجميل لأجل إنقاذ ذاك الطفل..

ثم غمزت بخبث:
_هل هو ابنك؟

ابتسم بـ اصفرار وأشار نحو "زين: ليقول:
_بلى، إنه ابن أخي وبمثابة ابني أيضًا.

تخلى "زين" عن صمته وقال مدعيًا الحزن الشديد:
_أعتقد أنك فهمتِ كُل شيء، هل نجد مطلبنا؟

لاحت بسمة خبيثة على وجهها، ثم غمزة لهم بمكر تشير له بكفها حتى يتبعوها، تقدم "عدي" يلحق بها ومن خلفه "زين" الذِى يحاول جاهدًا أن لا يكسر رقبتها.. سحبتهم داخل زقاق مختلفة وطرق متعددة حتى وصل إلى واحدًا ضيق خالي من البشر، يحتوي على باب تنزل إليه بعدة درجات، طرقة عليه بخفة وهمست بعدة كلمات لينفتح لها الباب، دخلت وقالت لهم أن يتبعوها، وبمجرد أن وطأت أقدامهم المكان اتسعت عيناهم بذهولٍ، تركتهم وغادرت نحو رجل ما، فوقفوا يتأملوا المكان بعيون صقرية، وكأنهم يصورا كل انش بهِ.

انحنت الفتاة تتحدث مع ذلك الرجل الذي يظهر عليه الجشع والخبث والدهاء، فظهرت علامات التقزز والكره بوضوح على وجه "زين" وكاد أن يكشف أمره، فأسرع "عدي" يشد على يده حتى يهدأ.

عادت لهم نفس الفتاة وأخذتهم في ممر طويل يحتوي على العديد من الغرف في كلا الاتجاهين، كان "زين" يدقف بكُل انشن وبمهارة استطاع اكتشاف بعض اسرار تلك الغرف حيث أنها تمتلك شرف مفتوحة بعض الشيء، تفوح منها رائحة الموت، باردة كـ الثليج وبها إضاءة منخفضة باهتة، لا توجد بها أساس سوا بعض الأرفف والتي جعلته يتجمد مكانه حينما التقطت عيناه ما وضع فوقها ونبض قلبه بعنف حتى كاد ينفجر.

تساءلت بهلجة تفوح مكر وهي تتقدمهم:
_هل تريده طازج أم مجمد؟

تولى "عدي" مهمة الرد حينما لمح انشغال "زين" وحاول أن يجيب بهدوء:
_ليكن طازج؟

فوضحت وهى تأخذ نفس من سيجارها:
_كنت أعلم ولكن هكذا ستزيد التكلفة كثيرًا.

رد مباشرةً:
_لا يهم.

طفح الكيل بـ"زين" فكور يده يقبض عليها، انقبض فكه، وبدت عروقه تتقلص بشكلٍ ملحوظ، فتساءلت باستغراب:
_ماذا يحدث مع صديقك؟

رمقه من طرف عيناه برجاء، ثم عاد يبتسم إليها بمكرٍ:
_لا شيء إنه فقط يختنق من الأماكن الضيقة وقلق على الصغير بشدة، دعكِ منه الآن أريدك أن تجدي لنا قلب قوي يتحمل صعاب الحياة.

بين حبي وحربك Where stories live. Discover now