الفصل الثامن

268 18 1
                                    

"نحن لا نُقهر سوى أمام دموعهم" 

أنهت "وتين" تأديت فرضها، حينما رن هاتف "أدهم"، استمعت لصوت المياه القادم من الحمام، نظرت إلى اسم المتصل فإذا به "عدي" لذا رفعته إليه لتجيب:
_السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا "عدي".

على الجانب الآخر كان مُمد على الفراش، بعدما نجح "زين" فى الهروب من بين يديه:
_وعليكم السلام يا "توته"، وحشاني والله.

ابتسمت باتساع:
_وإنت كمان وحشني يا حبيبي، أخبارك إيه؟ ومختفي فين كده اليومين دول؟

رد بمرح:
_أنا بخير الحمد لله، ولا مختفي ولا حاجة، بس نعمل إيه فى جوزك اللي مبيرحمش.

كادت أن ترد، ولكن "أدهم" كان الأسرع حينما التقط الهاتف منها، مُحتضنًا إياها من الخلف، ليردف بثابت:
_سمعتك.

أبعد "عدي" الهاتف عن أذنه بصدمة، ثم تمتم بذهول:
_"الكينج"!!

تقوس فمه للجانب قليلًا واستكمل بسخرية لازعة:
_مالك اتصدمت ليه؟ ولا كنت مفكر هسيبك تحب فيها على هواك يالا !

فأسرع يجيب وهو يهز رأسه نافيًا:
_والله ما حصل يا باشا.

_طب روح شوف اللي غفلك وخرج يا سيادة الرائد، عشان لينا كلام تاني لما ترجع.

قالها ببرود غامض، فنهض "عدي" معتدلًا والدهشة صاحبت صوته:
_حضرتك عرفت منين؟

قال وهو يغلق الهاتف بنفس البرود الثلجي:
_شكلك نسيت أنا مين.

أوقفته "وتين" بقولها المتعجل:
_متقفلش يا "أدهم" عاوزة أعرف منه مكان "زين".

ارتفع حاجبه وهو يرمي الهاتف على الفراش بإهمال:
_وهو هيعرف منين؟

وقفت قبالته وربعت يديها:
_أنا متأكدة إنه عارف وبيقبله علطول، رغم إنكار ابنك وصحبه الانتيم، دا الاتنين فى نفس الدايرة اللي كلها نهار ويعالم هتحرق مين! 

جلس بابتسامة عابثة متجاهلًا كلامها:
_ابنك محدش بيعرف أراضيه.

ابتسمت بثقة:
_بس إنت مش أى حد، وإذا كان هو الشبل فأنت الأسد .. ولا إيه يا "شبح"؟

تعال صوت ضحكته وقال بغموض:
_"زين" غاوي الترحال وأنا نفسي طويل.

لم تفهم ما يرمي إليه بحديثه، فتساءلت مُستفهمة:
_قصدك إيه؟

منحها تلك البسمة التى تحمل خلفها الكثير، وكيف لا تدرك وهى تحفظه عن ظهر قلب:
_قصدي إنى بحضرلك مفاجأة.. وعد هتعجبك.

كان يظن أنها ستفرح وتتحمس، ولكن رد فعلها كان على النقيد، جلست بملامح شربت من الحزن الكثير:
_مش عاوزة مفاجآت، عاوزة ابني يرجعلي وبس، فاكر لما كان لسه طفل وبقيت أعرضك وأقولك "زين" مش هيكون سهل لما يكبر، قولتلك بلاش تشجعه أو تخليه يمشي فى نفس طريقك، لكن إنت برضه عملت اللي فى دماغك وفى الأخر فين ابني يا "أدهم"؟ عايش متغرب من دولة لدولة، بشوفه مرة ولا اتنين كل فين وفين، وحتى المكالمات بينا مبقتش زى الأول.. ليه؟ معرفش ولا هعرف حاجة ما هو طالع ليك غامض وكله أسرار، وأخته ذنبها إيه تتحرم منه وهى متعلقة بيه وبتحبه يمكن أكتر مننا، ليه يا "أدهم" بيبعد نفسه عننا؟؟ ليه ساعدته وسمحت ليه يفضل بعيد؟ ليه يا "أدهم"؟

بين حبي وحربك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن