ذلك الحمل الذي حمله كل هذه السنوات على عاتقه كان ثقيلاً للغاية ، كفيل بهدم كل معنى للسعادة حتى !!
روحه كانت تشكي بصمت طوال الوقت دون وجود من يُمكنه سماعها حتى ، شكوى صامتة ، صرخات مُستنجدة كُلها تواجدت بدواخله ..
لم يسمعها أحد و ما رآها أحد ، خبئها هو بأكثر بقعة مُظلمة بأعماقه و خلف تلك الابتسامة اللطيفة و الهادئة ..
عيناه الزرقاوتين كانت ذابلة بشكل لا يليق و شخصيته اللطيفة عادة ، جسده كان يرتجف حرفياً ..
هو تائه للغاية يشعر كما لو أن الليل مُستمر دون وجود الشمس ، أغلق عيناه مُتمنياً لو كان يمكنه منع الأصوات من التسلل لأُذنيه حتى .. ! ..
لم يتوقع أن تنتابه كل هذه المشاعر فقط لوقوفه هنا مُجدداً أمام ذاك الكوخ الخشبي المهجور منذ سنوات طويلة ، الصحافة وجدت طريقها للمكان أيضاً فور رؤيتهم للطائرات العسكرية و الشرطة ..
و هو كان يقف تحت ظل إحدى الأشجار مُحاولاً إيقاف سيل مشاعره الذي بدأ يتفجر بدواخله ..
و بِجواره وقف راي يمسك يده بخفة ، يحاول بث و لو القليل من الدفء لجسده المُرتجف بينما لم يفتح فمه و لو بِحرف واحد مُذ لحظة سماعه لقصة هيروشي بالأمس .. !
شهقة صدرت من الأكبر ما إن صدح صوت أحد أفراد الشرطة :" عثرنا على الجثة ، هي متحللة بالكامل لكن يمكننا التأكد عن طريق الفحص للحمض النووي و مقارنته مع ابنه !"
الكثير من المشاعر ضربته بلا رحمة بينما بصره اتخذ من موضع ذاك الشرطي ملاذاً مؤلماً ..
ذكرياته بدأت تعرض له كل لحظة قضاها هو مع والده ، ابتسامته الدافئة و اللطيفة ، لعبه معه و مع جيرو ..
تعليمهما لفنون الدفاع عن النفس و القتال ، بل هُما تدربا حتى على استخدام الأسلحة النارية و البندقية للصيد ..
والده كان رجل قوي و للغاية ، هزيمته ما كانت شيء يسهل النجاح به لكنهم أطلقوا النار عليه من الخلف، تركوا دمائه تنساب حتى فارقت روحه جسده و شحبت ملامحه و بشرته التي انسحبت الدماء منها و تمت تصفيتها ..
و كل ذلك حصل أمام عيناه ، بتواجده معه رغم هذا لليوم دموعه لم تنهمر قط ! ..
للآن هو لا يستوعب ما حدث ، لا يصدق كيف سقط والده القوي هكذا كورقة ضعيفة ، لا يعلم كيف هو للآن على قيد الحياة بعد ما حدث !
للآن لازال يعتقد أن والده سيظهر يوماً ما لإنقاذه بابتسامته ، لن يموت بتلك السهولة أليس كذلك ؟!
YOU ARE READING
غُربة روح
Mystery / Thrillerآمال بمُستقبل مُزهر تم سلبه من حياتهم بليلة مُظلمة إختفى حتى نور القمر منها ! تم وئد أحلامهم قبل رؤيتها للنور فما عاشوا بعدها سوى بفراغ مُظلم بلا قاع ، شتاء بلا نهاية غمر قلوبهم ! أمطار بلا توقف غزت عيونهم ... أرواح مُشتتة ، و مُغتربة عن واقعهم و...