- بِدعةَ.

251 29 53
                                    

- حزيران ؛ روما.

يزاحمُ الناس في كليتهِ محاولاّ شق طريقهِ إلى البوابة الخارجية ، بعد ساعاتٍ من المحاضرات سيهون يدركُ أن رأسه سينفجر لو بقىٰ هنا أكثر.

هو يدرسُ العمارة في سنتهِ الأخيرة فالضغطُ و العمل بات أكثر تراكماً  على كافة المتخرجين ، هذه السنة قدمت الجامعة منحةٌ لطلاب المرحلة الأخيرة بعد تسليم مشروعهم المعماريِ.

سيهون لم يكن يريدُ هذه المنحة هو بالكاد لا يعرفِ إن كان سيبقىٰ حياً لسنةٍ أخرىٰ.

قميصهُ ذو اللونِ الزيتيّ قصيرُ الكم محشورٌ بداخل سروالهِ الأزرق الفاتحِ يحيطُ خصره النحيل حزامٌ أسود ، حقيبةُ أدواته و دفاترهُ بين يديه هكذاَ كان يسير نحو منزلهِ

اليوم كان لا بأس بهِ لولا معارضة حبيبهِ السابق لطريقهِ ، إبتسامتهُ الخبيثة بينما رائحة السجائر و الكحول تندفعُ من فمه كلما فتحه ليتحدث مستهزئاً :

” آوه عزيزي مازال يدرسُ بجدٍ ها ؟ لابد أن لديك الكثير من الأحلام التي تريدُ تحقيقهاَ “

متجاهلاً إياه سيهون حاول السير في سبيل حالهِ غير مهتماً بوابل التراهات التي يبصقها الأخر بوجههِ ؛ لكن الحقير ذاك لم يصمت بل تابع سيهون حتى مدخل العمارة ليضرب ظهرهُ صوب الجدار مكملاً :

” لكن هل ستعيشُ لذاك الوقت يا ترى ؟ إنه أنا أو أنت .. من سيأخذ حياتك أولاً ؟ هل يا ترى شياطينكَ أقوىٰ مني ؟ كونك كالغبيّ لا تستطيع حتى أن تقتل نفسك .. “

أفلتهُ أخيراً و سار في سبيله ، سيهون إبتلع بثقل تلك الغصة بعمق حلقه و لم يتحرك لبعض دقائق حتى إبتعد الأخر عن الحيّ .

في طريقهِ للعمارة ، كان سيفتحُ بابها ولكن القفل قد تم فتحهُ مسبقاً من الداخل ليظهر لهُ فارع الطول ، قميصٌ أسود قصير الكُمّ ، ضيقٌ على عضلات جسدهِ ، ملامحهُ ملثمةَ بأحد الأقنعة السوداء لا يظهر منها سوى عينيهِ البنية الفارغة ، حاجبيه المعقوفين لطول المدة التي أخذها سيهون يحدق به..

” هل أستطيع المرور؟ “

لكنةٌ إنجليزية غليظة ، صوتهُ مبحوحٌ و كان واضحاً أنها ليست لغته الأم لذلك سيهون دخل في حيرةٍ من نفسه أكثر ليعرف من أي بلد جاء جاره الغريب ؟

بعدما تنحىٰ سيهون عَبرَ الرجل قليلا بينما ذراعهُ الطويلة تمسكُ الباب لكي لا يغلق ، أنزل نظرهُ لسيهون الذي لا مجال له ليقارن طوله بالأخر

” ألن تدخل ..؟ “

مرة أخرى ، الصوت جلب رعشةً لفقرات سيهون ، يشعرُ بقدميه أضعف من أن تحملهُ فبدون تردد ركض لداخل العمارة لينغلق الباب أخيراً مصدراً صدىٰ مرعباً في العمارة الفارغة تماماً فقط من شخصين ؛ سكارلتّ و سيهون.

DN | CHANHUN.Where stories live. Discover now