الفصل الثاني: 15.03.1225

141 16 78
                                    


الخامس عشر من الشهر الثالث، العام 1225 من التقويم القمري الجديد. كانت عدة سفن تستعد للتحرك، كانت المعارك منتشرة بكل جزء من العاصمة وما جاورها بينما زحف "الفان روج" يمتد دونما توقف باتجاه القصر الملكي الرئيسي لعاصمة 'نوميديا'، زيري.

كانت المعارك تشتد وتتأجج في السهول المحيطة بالعاصمة بين الجيش النوميدي وغريمه الامبراطوري ذي البدلات القرمزية القانية.

في المدينة، كان الذعر ينتشر انتشار النار في الهشيم، كان الجميع يتأهب، رجالا ونساء، كبارا وصغارا لمقاومة هذا الزحف الغاشم، للذود عن الأرض.

 أعمدة الدخان ترتفع كلما دوى صوت قصف على أطراف مدينة زيري، وسادت حالة من الترقب ودك الانفجارات يدنو كل لحظة أكثر فأكثر من قلب العاصمة.

في القصر الملكي نفسه، لم تكن الأمور مستقرة البتة. كان الملك 'ماسين الثالث' يتأهب للمغادرة، جامعا ما أمكنه جمعه من ثرواته المتكدسة.

كان الملك ممشوق القامة، شديد سواد الشعر، حاد الملامح والطباع، لكن جماله لم يتناسب البتة مع رغبته الملحة في مغادرة القصر لحظة سقوط المملكة الذي لم يكن أحد غيره السبب به.

"سموك...لقد أبلغت سمو الأمير الثاني بخطتك...لكنه آثر التقدم لمواجهة جورج دولاروش...ما أوامرك الآن سيدي..؟" انحنى خادم أمام الملك بوجل.

"أيضا...أرسل معي هذه الرسالة..." أردف الخادم قائلا، ثم قدم له رسالة مختومة بختم ملكي.

"أوه...أهي وصيته الأخيرة؟" التقط ماسين الرسالة ساخرا، ثم مررها إلى الجارية القابعة خلفه لا مباليا.

انحنت الجارية مذعنة للأمر، وأخذت تقرأ الخطاب في وجل.

"...إلى أخي وغريمي الأول، سمو الملك ماسين.

كم يحزُّني أن يكون هذا قرارك الأوحد...أن تترك-" ارتعش صوت الجارية وأخذت تتفحص ردة فعل الملك بحذر.

"تابعي."

"...أن تترك المملكة وشعبها في مثل هذه الظروف...وتتراجع إلى المجهول، بعد أن أشعلت نيران حرب أهلية وتسببت بالعديد من المآسي، عاملا عكس وصية والدنا المتوفي، دون أدنى اعتبار لأهلك ولوطنك، ولأخيك بالأساس...لقد تمنيت أن تتغير، ودعوت كثيرا لأن تفتح قلبك، ولكنك مصر على ما أنت عليه..."

توقفت الجارية عن القراءة مجددا، ململمة أنفاسها المتقطعة، كانت تتصبب عرقا، نظرت نحو الخادم ثم استرقت النظر إلى الملك.

"ذلك الجرذ...أهذا كل شيء؟ سأستغرب إن قلت أن هذا كل ما بالأمر..." التفت صوب الجارية مبتسما ببرود، ثم أحكم قبضته حول رقبتها النحيلة.

"أنه الرسالة. اقرئيها لآخر حرف. حالا."

تمالكت الخادمة نفسها بصعوبة، لكنها سرعان ما هوت أرضا باكية، راجية الصفح من ذلك الرجل الجليدي، مستجدية عدم إتمام قراءة الرسالة.

AxeliA - Book of Wind -Where stories live. Discover now