الفصل الثالث عشر -1-: [هويير] (انقذني)

28 2 35
                                    


دقات المطر ترن على مسامع كلاوس دون انقطاع.. مهما حاول النوم لم يغمض له جفن، بل كانت أفكاره تنساب بعيدا، محاولا استيعاب ما واجهه لحد الساعة بهذا المكان المغبر.

جلس مكانه متفحصا ثنايا الحجرة بحذر، وأمام ناظريه كان يوليوس يسترق غفوة يقتطع بها تعب يوم كامل من الاستكشاف.

"..." تلمس كلاوس رأسه، ثم أخذ قربة الماء يرتشف بضع قطرات منها قبل أن يستلقي من جديد متذكرا تفاصيل رحلتهما إلى حد اللحظة.

'...ألسنا نهرب فقط..' تنهد عميقا.. ثم التف إلى جانبه الآخر يلملم ارتباكه وقلقه.

لمع بارق أنار ظلمة ذلك المكان المهجور، تبعه هزيم رعد مدو جعل يوليوس يستفيق من غفوته المسالمة متفقدا المكان، مكان كلاوس بشكل رئيسي.

"كلاوس..؟" لا أحد ليجيبه.

دنا بضع خطوات من مكان الفتى، ثم بحركة خاطفة أبعد الرداء الذي كان يلتحفه تلميذه..

"...ذلك الأهوج...!" متوترا، نظر يمنة ويسرة ثم اندفع نحو الممر باحثا عنه تحت وقع أشعة البرق التي ما فتئت تزداد.

استمر بمناداته مرارا، فاتحا كل الغرف المحاذية لحجرتهما تلك، لكن ما من أثر.

"...كنت واثقا من كونه لم يغادر..." تلفت يمنة ويسرة، ومن طرف عينه أمكنه أن يلمح خيال طفلة يركض ضاحكا، قبل أن يختفي كما لم يكن بالأصل.

مد ذراعه مستدعيا سيفه من جديد، وبكل ثقة تقدم يقطع أوصال الظلام مستقصيا أثرا للفتى.

.

.

.

تقلب كلاوس مكانه مرة أخرى، لم يكن بوسعه النوم من جديد فآثر القيام من مكانه والانضمام ليوليوس إلى أن يحل الصباح.

"...معلمي...؟" جلس مكانه مواجها مضجع مشرفه سابقا.

"..كيف كان نومك؟" دنا منه قليلا متفحصا وقد بدا عليه بعض القلق، ثم سرعان ما اتسعت حدقتاه حين لمع بارق آخر منيرا الحجرة.

ما قبع أمامه لم يكن معلمه بأي شكل كان.. إنما هيكلا عظميا متهالكا أكل عليه الدهر وشرب.

تراجع إلى الخلف وقد اهتزت أواصره، ثم انطلق يجري بالممرات مناديا اسم يوليوس مرارا وتكرارا، ودموع تسربت من مقلتيه.

'غير منطقي...ذلك كان مكان معلمي...ولا وجود لأي هيكل عظمي حينما حللنا بتلك الحجرة، من أين...' فكر بذاته للحظة، ثم أبطأ خطاه متأملا المكان من حوله...

كانت قطع من الركام تطفو من حوله، كأنما توقف الزمن للحظة.. ومن بينها أمكنه سماع دقات جرس بعيد.

راح يتلفت يمنة ويسرة غير مستوعب لما يجري من حوله، وفجأة تغير المشهد مرة واحدة.

كان الرواق يبدو حديث عهد، لا شقوق أو صدوع تتخلل محياه.

AxeliA - Book of Wind -Where stories live. Discover now