الفصل التاسع: تغيرات

83 8 40
                                    

انكسرت أشعة الشمس على حقل من الحشائش الندية.

كان عالما أخضر، ومن بين أنصال الخضرة الأزلية طفلان يتراكضان بسعادة وحبور، أحدهما كان أشقر بأذنين مذببتين، لا يبدو أنه قد تجاوز الثالثة عشر من العمر، والأخر كان بمثل سنه، لكن الفارق بينهما واحد، أحدهما كان بشريا.

هذا الأخير غطت غرته السوداء عينيه، وتبدى عليه بعض الخجل والتردد وهو يتأمل رفيقه يطلق تعويذات وصلوات غمرت تلك الغابة بحيوية لم يشهدها من قبل.

"تعال، [----]! سأريك ما وجدت آخر الغابة!" لوح الألف الصغير بيده مرحا. "كهف جنيات!" أردف.

"أه...لكن...أليست الغابة مكانا خطرا؟" سأله الفتى أجعد الشعر.

"خطيرة..؟ لكن لماذا.. " أطرق الألف رأسه مستغربا.

نظر الفتى حواليه مرتبكا، ثم همس.

"الوحوش، إنها تعيش في أعماق الغابات وتصيد من يقتحمها - "

الوحوش، كيانات غامضة لا يمكن فهمها ولا التحقق من وجودها، تعيش منعزلة ويمكن لطاقتها التدمير أو البناء؛ تماما مثل ذلك الألف الصغير..

هبت الرياح هازة كيانه للحظة، وعلى وجهه ارتسمت ابتسامة متكلفة فيما استوعب ما كان يعنيه رفيقه بالـ"وحوش".

"...أظنك...معك الحق.. روبرت.."

***

ألسنة لهب وسواد يلتهم كل شيء.. بيوت تتداعى، وصرخات ونحيب يملأ الأنحاء.

كان الفتى يقف حائرا فيما انعكست تلك المحرقة على عينيه الزمرديتين الشاخصتين.

تلفت كلاوس يمنة ويسرة محاولا إنقاذ من أمكنه إنقاذه، لكن لا أمل.. تقدم رجال يلتحفون السواد معتمرين أقنعة معتمة ونزلوا يقتِّلون كل ناج، وجوههم لم تعكس ألما ولا ندما؛ بل نشوة صادحة.

"كلاوس! انج بحياتك!" سمع الفتى صرخة من خلفه هزت كيانه، ليلتفت تجاه مصدرها ومن قابله لم يكن أحدا غير ذلك الفتى ذي الغرة الطويلة؛ روبرت...وبين يديه كان سيف مدمى يتلمع بضياء ألسنة اللهب الحارقة.

"روب! أنت على.. ما.." اتسعت حدقتا كلاوس بعد أن تقابلت عيناهما؛ لقد كان يبتسم!

ألقى نظرة خلفه، كانت عجوزا مسنة غارقة ببحر من دمائها تشير بيدها النحيلة اتجاه الشمال.. الاتجاه نفسه الذي وقف به روبرت هذه اللحظة.

"ماذا يعني...هذا..." ارتعشت شفتا كلاوس.

"ماذا يعني؟ ما رأيك أنت.. كلاوس -" انكسرت ملامح روبرت التي كانت خجولة يوما ما بابتسامة أقل ما توصف به أنها.. شيطانية.

***

استيقظ الشاب على وقع مياه رشت بعنف على وجهه.

مشتتا، حاول استعادة أنفاسه ملء صدره.

AxeliA - Book of Wind -Where stories live. Discover now