الفصل السادس -ج2- الديار

73 7 60
                                    

محاطة ببحر من الأشجار، كانت القرية متموضعة بشكل دائري وسط اللا مكان، كانت أعداد المنازل قليلة بشكل ملحوظ وكذلك الحال مع سكانها الذين غلب عليهم الشباب ظاهرا، فتراك داخلا قطعة من النعيم بقدميك.

كانت أصوات ضحك الأطفال على قلتها دافئة، صادحة بعبق البراءة الشجي، ولعل ما يمكنك ملاحظته حال النظر لأي من أفرادها لمعان الجواهر التي رصعت ثيابهم وأغراضهم اليومية على حد سواء؛ كانت قبيلة أقل ما يطلق عليها من ألقاب 'قبيلة الجواهر'.

"إيستيلا!" صاح شاب وهو يدلج القرية بتوتر واضح.

بين حشد الأطفال المتجمهرين وسط الساحة الرئيسية للقبيلة كانت فتاة معتدلة الطول تلتحف السواد توزع حلويات ساخنة عليهم وابتسامة صغيرة تعلوها.

توقفت للحظة انمحت بها ابتسامتها تلك، واستدارت اتجاه الصوت.

"...ما الـ...أمر..." وقعت عيناها على رداء أخضر تعرفه جيدا بين يدي الشاب مفتول العضلات...أجل، كان فينتو شبه الميت.

تنهدت الفتاة بقلة حيلة وارتسم بعض الاستياء الممتزج بقلق خفي على محياها وهرولت مقلصة المسافة بينها وبين أركون بسرعة.

"هو حي...صحيح؟؟" ببعض التردد مدت يدها لتكشف وجه فينتو، فاستوقفها أركون بسرعة.

"سأعالجه! يمكنك الاعتماد علي!"

"...أين وجدته؟" حدقت ايستيلا بأركون، آنذاك تراءى إلى ناظريها الصغير ليل الذي كان متشبثا بظهره الشاسع بوجل.

أمالت إيستيلا رأسها قليلا متأملة ملامحه، ومدت يدها محاولة لمس خده الذي لونته كدمة شاحبة، لحظتها انسحب خلف منكبي الشاب العريضين أكثر، ولم يبد منه إلا خصلة واحدة من شعره كانت منتصبة فوق رأسه لسبب ما.

"..." ضمت الفتاة التي يحيطها السواد يدها إلى صدرها ببعض المرارة، وأطبقت بين شفتيها.

"أه...لا تخف...إيستيلا ملاك قريتنا..." ابتسم أركون ببشاشة فيما يهز كتفيه ليحرك الصغير الرابض خلفها، حينها أطل ليل ببعض الخجل من خلفه.

انتهزت الفتاة الفرصة حينها، ومدت يدها محاولة حمله.

"تعال...يمكنني حملك" ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها المتوردتين...ابتسامة كادت تغادرها في لحظة واحدة.

مترددا، هز ليل رأسه.

"لكن...الفتى بدعدعات تويل جدن...وليل صغير" كان معجبا بحجم أركون-

صمتت أيستيلا للحظات، ثم التفت بخفة اتجاه القرية سابقة تلك الكتلة الآدمية المتحركة فيما داعبت الرياح خصلاتها السوداء.

"لنأخذهما لبيت جدي" صرحت ملتفتة نحو أركون الذي كان يسير بخفة كأنما يحمل كيسي طحين، مبتسما بتشنج.

AxeliA - Book of Wind -Where stories live. Discover now