الفصل العاشر: مهمة

65 6 35
                                    

[...أنتظرك... أكسـيـ...]

ترددت همسة من بين سدل الظلمة السرمدية تلك، كانت أصوات عديدة لما يشبه أرواحا معذبة أو وحوشا تقطع تلك الكلمات، فلا يمكنك سوى سماع شذرات من صداها.

لم يكن الفتى يفهم أي شيء مما يراه اللحظة؛ فوضى عبثية دون طائل ولا نهاية. الأرض الممتدة اكتست بعدة زهور بيضاء منيرة تتراقص يمنة ويسرة على إثر تلك الرياح المشوهة. ومن قلب الظلام الدامس أمامه كان حوت معتم عظيم يسبح بالأجواء ملتهما أيا كانت تلك الكيانات التي كانت تطفو أمامه، قبل أن يلتف نحو هذا الشاب المحفوف بنور عجيب غامض، يجعلك لوهلة تخاله ملاكا.

تحركت تيارات الهواء باتجاه الفتى الأبيض الذي استقر على ناصية إحدى الصخور السوداء لذلك المكان، ورفرف شعره في الهواء لبرهة، أما هو فقد اكتفى بتثبيت قدميه أرضا مجابها أيا يكن ما هو قادم نحوه.. توسعت حدقتاه وهو يرقب اقتراب الحوت نحوه والتهامه، غير عارف لخطوته التالية بهذا المكان الشبيه بالكوابيس، ثم سرعان ما استحضر سيفا تشكل بيده من ارتصاف مجموعة من الشرائط المضيئة، ووثب إلى الأمام بخفة.

كانت أصوات الصراخ والنحيب ترتفع كلما زاد اقترابه من الحوت، كأنما تحذر هذا الشاب من مصيره، لكنه لم يكن يبالي، فما الذي قد يهمه بعد أن وقع بمثل هذا المكان، [آنون].

"هذا سخيف للغاية..." تمتم منزعجا، ثم علا ضوء أبيض قوي ومعه صوت انفجار مدو بالمكان.

***

انكسرت أشعة شمس الربيع على قسمات وجه الطفل النائم بسلام، ضاما وسادته بدلا عن الاستناد إليها.

كان متكورا كجنين برحم أمه، غير مبال بما حوله، وبجواره جلست إيستيلا تسرح شعرها الكحلي بهدوء.

تقلب أويس مبتعدا عن أشعة الشمس التي يبدو أنها ضايقته، مرتطما بالفتاة التي ابتسمت نحوه ماسحة على رأسه الذي بات أشعث الآن.

جلس مكانه وراح يحك عينيه متثائبا، ثم التفت نحو 'تاتي' بهدوء.

"تاتي، أنا عطشان~"

"عطشان؟ لحظة سأسكب لك بعض الماء.." وقفت بخفة متناولة كوبا وقلة ماء من فوق مكتبها القريب، لكنها تفاجأت بأويس الذي نام على جانبه الآخر مكانها، بعيدا عن شعاع الشمس الساطع.

"أوه..." همهمت إيستيلا بذهول ودنت تغطي الصبي الذي تعار كليا من فراشه، وارتفع قميصه كاشفا عن ظهره النحيل.

في تلك الأثناء، كان فينتو ينعم براحة إلزامية في منزله؛ إصاباته لم تتحسن بعد رغم تجديد إيستيلا لها، كما انه كان يراجع كلا من ميزانيته والمهام التي أقدم عليها الفترة الفائتة.

فيما هم بتدوين ملاحظات بحاشية مذكراته إذ دلج آينسل بصينية من الطعام الدافئ، وقربها منه برفق.

AxeliA - Book of Wind -Where stories live. Discover now