الفصل السادس -ج1-: أويس

76 8 47
                                    

كانت زرقة السماء منعكسة على عيني الفتى الرماديتين التين ترقرقتا ذهولا وإعجابا بلونها ذاك.

جالسا إلى ضفة نهر، كان فينتو منهمكا بتنظيف ثيابه الدامية، أو الأحرى تنظيف بدنه من كل تلك الدماء المتيبسة.

ساد الصمت بينه وبين ليل الذي بدا كأنما يرى الغابة وجمالها لأول مرة، ثم سرعان ما شقت صرخة حادة لحظات السكينة تلك.

التفت فينتو بسرعة اتجاه ليل، وهم بالوقوف إذ فطن لحقيقة ذلك الصوت...

"سيد فينتو! انظر، ما هذا!؟ إنه ناعم!"

كان ليل يضحك بسعادة، وبين يديه ربض كائن غريب؛ لم يكن مفهوما ما إن كان قطا أم أرنبا، لكن الأكيد أنه كائن مسالم؟ كيف لا يكون كذلك وهو يحمل أوسع عيون قد تراها بالمجرة؟!

تنهد فينتو بقلة حيلة، وراح ينفض قميصه الأبيض الذي بات أشبه بخرقة بالية الآن، ثم جفف جسده الـ...مرقع؟ ذلك أبسط ما قد يقال عنه، فقد كان مليئا بالندوب.

"هذا الحيوان يدعى اللولو...وهو كائن سحري مقدس إلى حد ما...يقال أنه لن يدنو منك إن لم تكن تحمل روحا طيبة" ابتسم فينتو ودنا من ليل الذي راح يحملق بجسده مفتول العضلات، قبل أن يصدح متعجبا.

"دعدعات! كبيــــرة! أريد متلها!"

-تجمدت ملامح فينتو للحظة؛ لم يكن يدري ما أحسن رد فعل تلك اللحظة، أيضحك من نطقه أم يبكي؟

جلس قريبا من ليل مبتسما، ثم امتدت يده للتربيت على رأسه دون انتباه منه.

تأمله بعينين دافئتين بينما أصابعه تتغلغل بين خصلات شعر ليل السوداء، مستذكرا اليوم الفائت وجنونه، وكيف أن ذلك الطفل المجنح كان أقرب ما يكون للشبح.

تمسح ليل طويلا بكائن اللولو، قبل أن يدعه ينزل أرضا ويلتفت هو نحو فينتو بابتسامة عريضة.

"سيد فينتو...أتدري؟ هذا اللولو يشبهك...إنه نعناعي!"صرح ليل ببراءة.

"نعـ...ناعي..." تأمل فينتو ألوان اللولو التي كانت تشبه ألوان شعره تماما؛ أبيض بخصلات خضراء فاتحة.

ومجددا، ابتسم بقلة حيلة مهمهما تأييده لخيال ليل، ثم مد يده مستدعيا حقيبته البعدية العجيبة.

"أيضا..." تكلم ليل مجددا.

"...اللولو...لديه جوهرة جميلة على رأسه...مثلما فيفو لديه واحدة برقبته...كيف تلصقونها أريد واحدة!" نفش ليل خديه امتعاضا.

ارتدى فينتو قميصا أبيض جديدا بسرعة وعاد للجلوس بالقرب من الصغير مجددا.

"أتريد معرفة ما هي هذه الجواهر؟" ضم فينتو ساقيه وانحشر قرب الصغير.

"أجل...أريد معرفتها...لم ليل ليس لديه شيء لامع!" راح يضرب ساقيه أرضا.

ضحك فينتو مربتا على رأس ليل، ثم أخذ يحرك الحطب الملتهب أمامهما متفقدا درجة نضج الأسماك.

AxeliA - Book of Wind -حيث تعيش القصص. اكتشف الآن