#23 حالَةٌ مِنَ الذُّعْرْ.

537 42 10
                                    

فتحت مسك عيناها بذبولٍ شديد، حتى أنها بالكاد تمكنت من الإستيقاظ، شعرت منذ الوهلة الأولى أن الخوف حليفها وكأنها بدأت تدرك ماهية شعورها، بدأت تعلم ما خطبها ويمكنها القول أن الصورة باتت واضحة أمام مرآها إلا أنها ككل إنسان طبيعي سيرغب بالتيقن وسيود أن يلقى تأكيدًا لكن السؤال في هذا المطرح هو، كيف؟

بإمكان موقف صغير أن يبرهن لكنها تنتظره..

كانت شاردة بالسقف بوجهها الشاحب الباهت، عينيها الناعسة، أفكارها المتضاربة ونستطيع أن ندرك إلى أي مدى قد وصل بها اليأس. لم تلبث طويلاً حتى بدأت دموعها تتسابق على وجنتيها بغزارة تتشابه مع غزارة الغيث المتساقط من غيوم شهر كانون الأول المعتمة كعتمة الليل بلا قمر.

أمسكت اللحاف بِبنانها وغطت به جُلَّ جسدها كي تّحِد من صوت شهقاتها التي باتت ترتفع شيئًا فشيئًا، تحاول السيطرة على نفسها لكن لا فائدة فكلما حاولت الهدوء ترى نفسها تتزايد بالبكاء. كان الأمر شاقًّا عليها بالذات أنها الآن في مرحلةٍ مستعصية، إكتسبت مشاعر جديدة لم تعشها كثيرًا، لا تعلم ماهيتها، كيف أتت ومن أي أرضٍ مبهمة، عقلها يعطي إشاراتٍ مكذوبة وينفي هذه المشاعر لكن قلبها في وهدته متيقن أنه بات غائِصًا في الحب بلا أدنى شك.

كشفت مسك عن وجهها الذي تعرق من شدة الضغط ونطقت بهمس خلال دموعها التي لا تنفك عن قطع درب طريقها على وجنتيها

-أنا مذعورة للغاية، لما هو بالتحديد؟

إعتصرت عينيها وكأنها تنفي الحقيقة وإستطردت هامسةً بألم تزامنًا مع وضع يدها على قلبها

-إن تيقنت من صحة مشاعري فسأموت، إنه لا يشكو من شيء بل بالعكس إلا أن إجتماعنا لمن الإستحالة أن يحدث بحيث يتنافى مع ديني ودينه

تتحدث وكأنها تنفي الحقيقة، وكأنها ليست على يقين، وكأن ليس من تقصده بالفعل يتربع على عرش قلبها.. في قرارة نفسها تعلم أنها باتت هائمة به لكن عقلها يرفض وبشدة قبول هذه المشاعر إلا انها مهما حاولت التجاهل فسوف تصل في نهاية المطاف إلى طريقٍ مسدود سيعديها من حيث أتت لتتقبل الواقع الذي حوصرت فيه.

طرقتين على الباب ومن ثم دخول أحدهم إلى غرفتها ألا وهو هارون، كان يسير برفقٍ متجهًا صوبها وما إن وصل حتى جلس بجانبها على طرف السرير واضعًا كفه على رأسها من الخلف حيث كانت تعطيه ظهرها وتغطي وجهها باللحاف، مسح على رأسها مرارًا وتكرارًا بدون أن ينبس بحرف لكنه سرعان ما شعر بأن مسك تبكي.

فنبس بهدوء: أخبرتني أمي أنكِ لستِ بخير مؤخرًا وأنا لم أراكِ تجلسين معنا منذ مدة فما الذي أصابك؟ لسنا معتادين على رؤياكِ بهذا الحال

نفت مسك بسرعة تنفي شكوك أخيها

فنطق غير راضٍ عن إنكارها: أتعانين من ألم ما؟ أتشكين من وجعٍ أصابك؟ فقط أخبريني وسآخذك للطبيب وفي الحال

أَحْبَبْتُ قِسّيسًا (ج1 + ج2) ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن