الفصل الأول

2.1K 86 6
                                    


في إحدى ناطحات السحاب يقف هو، يتكأ على الجدار قبالة النافذة المطلة على الشارع وهو ينظر إليه بدون اهتمام، فجأة أظلمت عيناه ببريق خطير وأسودت بشكل يرعب من أمامه، غلت الدماء في أوردته ما إن تذكر منظر والده الحبيب الذي مات قهرًا على ما حدث له على يد عمه القاسي، ليته كان كبيرًا كفاية كي يثأر وقتها لوالديه وما حدث لهما، عصر عينيه بعنف يطرد تلك الذكرى المشؤمة من مخيلته، ليفتح عينيه ويظهر بهما لهب شديد الحرارة، ينوي ح*رق الجميع بما فيهم من توعد أن يذيقهم العذاب الذي تجرعوه خلال هذه السنوات المنصرمة.

استدار ليجلس على كرسيه أمام مكتبه الفاخر، مسك القلم وبدأ ينظر للأوراق التي أمامه بدقة ليراجع بعض البنود الهامة في الصفقة القادمة .

في هذه الأثناء بالخارج يمشي متغطرس آخر في الرواق في طريقه للوصول لمكتب صاحب هذه الإمبراطورية الضخمة، خطف أنظار الموجودات كعادته من يتمنون يظلوا بجانبه هذا الرجل الوسيم بشكل لا يقاوم كمثل صديقه الذي بالداخل .

دلف مباشرة وغلق الباب خلفه ليتوجه على الأريكة الوثيرة وهو يفك أزرار بذلته، وأتكأ بأريحية وهو يقول بصوت أجش:- وراك كتير ؟

هو رأسه بنفي ليقول بجمود، ينم عن ملامحه التي يغمرها القسوة التي تعهد بها لأخذ ثأره :- عشر دقايق بس .

تحدث عاصي باللكنة الإنجليزية ليقول بملل :- come on man, i got bored here.
هيا بنا يا رجل لقد أصبت بالملل .

نظر له هذا الصقر والذي يحمل اسم فريد ليقول بسخرية لاذعة :- أعدل لسانك أنت مش بتتكلم مع واحد انجليزي هنا .

ردد بهدوء :- حسب التعود بقى، إحنا مش في بلد عربي فبكدة ما بتكلمش عربي غير معاك .

هز رأسه بمبالاة ومن ثم عاد للأوراق التي يصب عليها جام اهتمامه، وبعد فترة وجيزة كان قد راجع جميع ما بيده لينهض وهو يرتدي مأزره ويقول :- يلا بينا .

غادرا المكان ليتوجها بعدها إلى منزل فريد الكبير، والذي ما إن دلف ركض طفل صغير ناحيته بحماس وفرح بعودته، ليحمله فريد بحب وهو يضحك معه فهو الوحيد القادر على أن يجعله يتصرف بطبيعة، أخذ يقبله في وجنتيه بحنو والطفل يقهقه بسعادة، أنزله برفق ومن ثم بعثر خصلات شعره ليقول :- how are things? كيف الحال ؟

رد الطفل بلكنته الأجنبية:- I'm fine, i did my homework so we are going to go the aqua park.
أنا بخير، لقد قمت بحل الواجب لذا سنذهب للمنتزه كما أخبرتني.

أومأ له بلطف وهو يقول :- it's ok, just wait for some minutes my hero .
حسنا، انتظر لدقائق يا بطلي .

تركه وتوجه لوالدته ليقبل يدها بحب وهو يقول :- عاملة ايه يا أمي ؟

ابتسمت بوجهه ببشاشة وهي تقول :- الحمد لله يا ابني، خلصت شغل بدري النهاردة!

أردف بموافقة:- أيوة خلصت بدري علشان الأستاذ يوسف وعدته هنطلع برة ونتفسح .

المتاهة Where stories live. Discover now