الفصل الثامن

185 27 3
                                    


استيقظت بالصباح الباكر لتجد أنها غفت في مكانها، نهضت بتثاقل وهي تشعر بآلام مبرحة بكامل جسدها. تمثلت أحداث الأمس لتشعر بدوار عنيف يجتاحها، توجهت لتستعد لمغادرة هذا المكان الموحش دون رجعة،  توبخ نفسها على ثقتها الزائدة به طوال هذه المدة .
جمعت جميع متعلقاتها الخاصة وتركت كل شيء قد جلبه لها، لا تود أي شيء منه بعد الآن بعد أن فتت قلبها إلى جزيئات، ستذهب وتحاول أن تداوي الجروح وترمم ما استطاعت ترميمه في جدران فؤادها المهشم.
ألقت نظرة أخيرة متألمة لارجاء الشقة، وكلما وقعت عيناها على ركن تذكرت موقف قد جمعهما سويا .
تساقطت دموعها تنعي كل شيء وتدفنه هنا، غادرت المكان بروح منكسرة تسير في الطرقات لا تعلم أي طريق تسلك، أخذت تسير وتسير حتى طلبت قدماها منها الراحة، فجلست على الرصيف تنال بعض الراحة.

لم تتحمل كم الضغوطات التي تعرضت لها، إذ انفجرت باكية كطفلة تبحث عن أبيها في الزحام، لم تعرف كم من الوقت مضت تبكي، ولم تعبئ بنظرات المارة المتعجبة لها .
بعد برهة من الزمن وجدت يد توضع على كتفها، لتنتفض في محلها بذعر ونظرت لتلك اليد لتجدها فتاة، في نفس عمرها تقريبا .
جلست هذه الفتاة إلى جوارها وهي تقول :- متخافيش أنا شوفتك بتعيطي فقولت يعني لو أقدر أساعدك في حاجة .

نظرت لها بخوف قائلة وكأنها حبل النجاة لها :- أنا مش عارفة أروح فين مليش مكان ولا أعرف حد .

نظرت لها بشفقة لتقول بتعقل :- إزاي بس ملكيش مكان، أنتِ اتخانقتي مع أهلك يعني .

هزت رأسها بنفي لتقول :- أنا بتكلم بجد أنا فعلا مليش حد الكل أتخلى عني وبقيت لوحدي خايفة مش عارفة لما الليل يجي هعمل إيه.

تأثرت بها كثيرًا لتربت على كتفها بحنو، وهي تتفحصها بعناية لتعلم أنها من الطبقة المخملية كما يطلقون عليها، لتقول بتريث:- لو في مشكلة اتكلمي مع أهلك مفيش أهل بتتخلى عن عيالها .

صرخت بألم وهي تردد بوجع نابع من أعماق قلبها المشروخ:- لا في أنتِ ما تعرفيش حاجة .

أردفت الفتاة :- خلاص تمام بس أهدي.

نظرت لها عهد برجاء قائلة :- ممكن تساعديني ألاقي مكان أقعد فيه، ربنا يخليكي ساعديني وأنا هعملك اللي أنتِ عاوزاه وهدفعلك الفلوس اللي أنتِ عاوزاها بصي أنا معايا سلسلة دهب خوديها بس شوفيلي مكان أقعد فيه الله يخليكي مش عاوزة أقعد في الشارع .

أردفت بتفكير :- استني صاحب العمارة اللي ساكنة فيها عنده شقة قصادنا فاضية، تقدري تأجريها منه هو دة اللي اقدر اساعدك بيه .

ظهرت بوادر التهليل على وجه عهد قائلة :- بجد ؟ أنا مش عارفة أشكرك إزاي يا ..... هو أنتِ اسمك ايه ؟

ردت عليها بابتسامة بشوشة :- بسمة اسمي بسمة وأنتِ ؟

أردفت بخفوت :- عهد، ممكن توصليني لصاحب العمارة دي بليز، أنا من الصبح ماشية وتعبت .

المتاهة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن