2

9.2K 264 6
                                    



يوم جديد
٤:٣٠ م

تحرّك بانزعاج، يحس بحرارة النيران حوله، يشوف هيئته الصغيره ويسمع شهقاته وبكاءه وهو يحاول يزحف بعيد عن النار
فتح عيونه بوسعها يصحى من كابوسه المعتاد، مسح على صدره يلقط أنفاسه وقام من سريره بثقل
ومشى ياخذ له شاور سريع، وطلع ينشف شعره بمنشفته
وقف قدام دولابه وأخذ هودي أبيض وشورت أسود يلبسهم
ومشى يخرج ووصلته أصواتهم بالحديقة الخارجية للمزرعة
يسمع صوت صهيل خيول تميم من الاسطبل والتفت يشوف تميم يدرّب وجد اخته اللي توارثت حب الخيل من أخوها تميم
والتفت يسمع الجدة حصة تناديه: عناد، تعال يا وليدي
عناد ناظر حاتم اللي صدّ بتنهيده وحكّ عناد جبينه
وناداه راجح: تعال يا عناد، ما ناداك الا مشتاق
عناد ابتسم يمشي باتجاه جلستهم ويجلس بجنب راجح اللي طبطب على كتف عناد
الجدة حصة ابتسمت تناظر عيالها واحفادها ملتمّين حولها: ليت كل الأيام اجازة عشان أشوفكم مجتمعين حولي
بتّال بمزح: يمه لا تعمّمين وقولي انك تقصديني لحالي
غالية نفت: تقصدني أنا وحيدتها!
راجح قاطعهم: ما تقصد أحد أمكم تجاملكم مافي غيري اللي يملأ عينها
ضحكت حصة، وابتسمت غالية: الله يطوّل بأعماركم ويخليكم
تهاني ناظرت عناد اللي ابتسم والتفت يتأمل الخيول بشرود
حوّلت تهاني نظراتها لهاجر اختها اللي قرصتها بهمس: أكلتيه بنظراتك لا تشك فيك أمي!
والتفت عناد لراجح وقرّب يهمس: يبه
ابتسم راجح لكلمة "يبه" اللي يحب يسمعها من عناد ويجدّد فيه شعور الأبوّة رغم إنه ماهو أبوه ولا يحمل دمه بعروقه
كمّل عناد كلامه بهمس: مرّيت عند المزرعة اللي جنبنا وشفت فيها ناس
تلاشت ابتسامة راجح وعقد حاجبه: المزرعة المهجورة ما غيرها؟
هز راسه عناد وبلع ريقه: اللي احترقت
سكت راجح، ونطق عناد بتردّد: ما يمدي نسأل عن راعيها؟
راجح ناظر الضياع والفضول بعيون عناد: بس انت تدري انها أرض البلديه
عناد نزّل نظراته لفنجاله: ادري، بس يمكن استأجرها أحد يعرف عن الحريق واتذكر
راجح ناظر عناد بصدمه، كانت هذي المره الأولى اللي يطري فيها عناد ذاكرته وأول مره يجيب فيها طاري المزرعة بعد سنين طويلة
عاش عناد عمره وهو يمرّ طريق المزرعة وكأنه يمر طريق مجهول
يشم ريحة الرماد ويتهيأ له لهيب النيران، لكنه يسكت
يتعايش مع ذاكرته الصغيرة ويتهرّب من ذكرياته ويخافها
مسك راجح يد عناد يشد عليها: لا تضغط على نفسك وأنا أبوك وانت تدري ان راسك ما يتحمل كثرة التفكير
رفع عناد نظراته لراجح اللي كمّل كلامه بهمس: يكفي تدري انك ولد عايشه وأبوك سيف
بلع ريقه عناد، وتنهد راجح يختم كلامه: و راحوا، الله يتولّاهم برحمته
سكت عناد يخلّل أصابعه بين شعره بشرود، يفكر بالمزرعة اللي جنبهم ويتذكر جلوس وتين قدام باب المزرعة تلعب مع قطوته
تنهد وقام ورفعت عيونها حصة: وين بتروح؟ لا تقول بترجع للخبر؟
عناد ابتسم: اذا حصوص ودها أروح؟ بروح
الجدة حصة مسكت قلبها بشهقه: هذا كلام؟
ضحك راجح، وابتسم عناد: ماني رايح
صدّ حاتم يشرب قهوته ومشى عناد مبتعد عن جلستهم بتنهيده
مشى متجه للاسطبل يشوف مشاري متسند على السياج يلوّح لوجد اللي تحاول تتوازن فوق الخيل وتلوّح له بضحكه
نطّ عناد السياج ومشى يسمع تميم اللي رفع صوته: عناد تسابق؟
التفت عناد يصفّر للخيل اللي مشى باتجاهه ومسكه يصعد فوقه: اللي يوصل البحر أول يفوز؟
وجد تحمست: بتسابق معكم
مشاري وتميم بتزامن: لا!
وجد كشّرت، ومشى مشاري يفتح باب المزرعة لتميم وعناد اللي يستعدون لسباقهم

غريب يدوّر في طرف عينها حضن ووطن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن