8

7.3K 330 26
                                    




مرّت أيامهم القليلة وكأنها شهور، يتحرّون رجوع عناد، رغم الزحام إلا إنهم يعيشون بفراغ
فراغ مقعده على طاولة الطعام، زاوية جلوسه في بيت الشعر، في جلسة الشباب والصالة
ورغم الفراغ عند عناد إلا إنه يحس بالزحام، زحام أفكاره وضجيجها المزعج
يعيش يومه مثل جرح مكشوف ما قدر يغطّيه أو يداويه، لياليه ما تنتهي ولا زارها شُروق

تنهد مشاري وتسنّد على الدكّه اللي اعتادوا يجلسون ويعزفون فيها
ونطق: مرّت ثلاث أيام وما رجع
تميم التفت بتساؤل: ما ارسل لك شيء اليوم؟
هز راسه مشاري: ارسل لي الفجر يطمني وما عاد ارسل
تميم بتنهيده: أنا سألته اذا بيجي للبطوله بكره وما ردّ
مشاري: مستحيل أكيد بيجي! عناد ما قد غاب عن بطولاتك
تميم بتفكير: ولو ما جاء؟
مشاري عقد حاجبه: نروح بيته
تميم: بيته جديد ما نعرف موقعه
مشاري سكت ثواني ونطق: بتّال يعرف، هو اللي اقترح البيت على عناد قبل يشتريه
وعلى طاري بتّال، كان يسوق سيارته متجه للمزرعة بعد انشغاله في ادارة فنادق راجح وأعماله طول الفترة الماضية
انفتحت بوابة المزرعة وفزّ مشاري والتفت تميم بلهفه ما يطري في بالهم غير إن عناد رجع
تلاشت ابتسامة تميم وصدّ مشاري من عرفوا ان اللي دخل المزرعة بتّال
بتّال شافهم وأشّر بتهديد: يوم جيت كشّرت انت وياه انا اوريكم
تقدم يمشي باتجاههم يكمل كلامه: ما كأن عندكم خال و عمّ ما تسألون ولا تقولون بتّال وينه! حتى أبوي يتابع أخبار الفندق أكثر من أخباري
وقف مشاري يسلم عليه بضحكة، وسأل تميم: كم عمرك؟
بتّال صافحه يرد على سؤاله: ثلاثين
تميم هز راسه: كبر الحمار و هذي حلطمتك؟
التفت بتّال بيمشي: والله لأرجع البحرين واتزوج هناك وانساكم
سحبه مشاري بضحكه: تعال تعال
بتّال رفع اصبعه بتهديد: قل اسف خالي
تميم ضحك يجلّسه معهم: اسف خالي اجلس
جلس بتّال بابتسامه و ناظر حوله: وين عناد؟

نفت وجد اللي حاطه جوالها بإذنها: ما يرد
حصة عقدت حاجبها: اذا ردّ قولي له لا يرسل وخلّيه يدق، ودي اسمع صوته
هزت راسها وجد والتفتت حصه تدخل للصالة تاركه البنات والتوأم المجتمعين في الحديقة كعادتهم
هاجر بضيق: يا عمري أمي حصوص حتى وعناد يرسل لنا ما ارتاح بالها
تهاني هزت راسها: حتى أبوي راجح مو على بعضه
حنين سألت بفضول: هذي أول مره يغيب هالكثر؟
رفعت وتين نظراتها من اللابتوب تسمع حوارهم عن غياب عناد
نفت وجد: يغيب كثير عشان شغله بس مو كذا، هالمره كأن فيه شيء تغيّر
عقدت حاجبها وتين والتفتت تشغل نفسها باللابتوب
رغم المدة البسيطة اللي عرفت فيها عناد، إلا إنها تحس بالتغيّر اللي تقصده وجد، تشوف تأثير غياب عناد عليهم كلهم وحتى عليها ولو كانت بنسبه قليله، ما تنكر إن وجود عناد حولها مُختلف مثل وجود غصن البابونج بين نعناعها، ووجود ولّاعاته في دروجها و الريش على مكتبها والصناديق في زاوية المستودع
وحتى وجود القطوة اللي مشت تجلس على كيبورد اللابتوب
وضحكت وجد تأشر عليها: نعناعه الا غصب تدوّر الاهتمام
وتين ابتسمت تحضنها: خليها تدوّره صاحبها مو موجود!
تهاني رفعت حاجبها: من متى صرتي تسمينها نعناعه وجد؟
وجد ضحكت من سبقتها وتين بالرّد: من اليوم فيه اعتراض؟
صدّت تهاني، وضغطت وتين على الكيبورد بتكرار
وضحكت هاجر تناظرها: بس خلاص! من اليوم تحدّثين بالموقع ما راح تجيك طلبات بهالطريقه
وتين بإحباط: لنا ساعتين من نشرت موقع البراند ولا جاني ولا طلب
وجد بضحكة: هدّي ترا يعتبر افتتاح تجريبي! تونا ما قلنا بسم الله
حنين: خليها هي كذا تزرع النعناع وتجيني بعد ساعه تقول نعناعي ما يكبر
ضحكوا والتفتوا لصوت بتّال اللي مشى ووراه مشاري وتميم يسمعونه يعاتب: أنا آخر من يعلم!
مشاري مسكه: يا اخوي اصبر نفهّمك
بتّال عقد حاجبه: وش تفهمني! كل هذا صار وانا ما أدري، تركتوا عناد يروح بكل بساطه وثلاث أيام محد فيكم فكّر يروح له
عقدت وجد حاجبها بضيق تسمعه يعاتبهم
ونفى تميم: بنروح له
بتّال: متى!
مشاري ردّ: بكره بعد البطوله، بنروح له في بيته لو ما حضر
فزّت وجد: بروح معكم!
التفتوا لها بدون ردّ وسفهها بتّال ومشى بيدخل للبيت ووصله صوت وجد: خالو امانه بروح معكم
نطق بتّال من سمعها تناديه خالي مثل ما هو يحب: وجد بتروح معنا
ضحك تميم ومشى مشاري خلف بتّال يقلد صوت وجد: خالو امانه بروح معكم
ضحكوا البنات وابتسمت وتين تتأمل علاقة وجد مع خالها
والتفتت لحنين اللي كانت مبتسمه، تحس بمثل شعورها وتدري بها
قطع عليها صوت الاشعار باللابتوب وفزّت من شافته: جاني طلب
صرخت وجد بحماس، وسألت حنين: وش الطلب؟
وتين ناظرت تفاصيل الطلب بذهول: عبايه من كل تصميم! الإجمالي أربع عبايات
سكتت وتين من طاحت عينها على اسم صاحب الطلب واللي كان
"مخاوي الليل" وشردت وتين تتذكر آخر حوار لها معه
"تدري أول طلب يوصلني ما راح أنساه وبعيش عمري كله أتذكّره"
"ليه؟"
"لأنه أول ريشه من جَناحي، ما بنساها"
وهمست وتين بابتسامه وهي تناظر اسمه بالشاشه: المعتوه
قطع عليها صوت وجد المتحمسه: وش تنتظرين وتين قومي جهزي الطلب وتواصلي مع المندوب
وتين باست نعناعه بضحكة وتركتها وقامت بعد ما أخذت جوالها
وقامت معها حنين، ولوّحت لهم هاجر: نشوفكم بكره لا تنسون البطوله

غريب يدوّر في طرف عينها حضن ووطن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن