4

7.6K 385 11
                                    



يوم جديد
تركت جوالها على المكتب بعد ما شغّلت أغنية تايلور اللي صدح صوتها بالغرفة
والتفتت لصوت الباب ودخول حنين بيدها صينية الأكل اللي جهزتها يسدّون بها جوعهم
وتنهدت: هذي اخر كيسة مكرونه!
وتين مسكت دفتر تصاميمها والتفتت للمانيكان تجهّز أقمشتها
وتنهدت: اكتبي الاغراض اللي ناقصتنا واكلم مندوب يوصلها
حنين رفعت حاجبها: بيوصلها لهنا؟ بياخذ علينا مبلغ أكثر من الأغراض نفسها
وتين اللي لاهيه بتصاميمها: معنا فلوس المكافأة تكفينا
حنين بدأت تاكل وناظرت جوالها تشيك على حسابها في البنك
والتفتت: وش بنسوي اذا خلصت الإجازة وبدأت الجامعة؟ بتنقطع المكافأة لو ما داومنا
وتين مسكت الخيوط تلفها حول أصابعها تختار ألوانها باندماج
وابتسمت: راح نداوم، وراح نتخرج
وأشّرت على أقمشتها تكمل: راح أصمم عبايات التخرج وأخيطها بنفسي
حنين ابتسمت تسمع موّال أحلامهم اللي عايشين على قيدها
ومشت وتين تجلس بجنبها تشاركها صحن المكرونه ويسمعون صوت الأغنية الهادية
نفس الصوت اللي اشتغل بجوال عناد الفضولي
متسنّد على سريره ويده خلف رقبته ويده الثانية ماسك جواله بعقدة حاجبه، لقى نفسه يبحث عن اسم المغنية واللي كان جديد عليه
عدّل جلسته يسمع صوتها وغرابة كلماتها بالنسبة له
وقفّل جواله يكلم نفسه: وش تسوي!
يقنع نفسه انه فضولي يسمع صوت غير الصوت اللي اعتاده وانطرب عليه
ينكر فضوله عن وتين وتفضيلاتها، فضوله عن الأشياء اللي تحبها، الأشياء اللي تفرّحها وتزعّلها
فضوله عن وجودها بين جدران المزرعة اللي هرب منها من صغره
المزرعة اللي احترقت داخلها طفولته، ذكرياته وأحلامه.
صحى من شروده وابتسم من وصلته الريحة المألوفة
قام وطلع من الغرفة يتبع مصدر الريحة ويسمع صوت الجدة حصة وضجة وجد وتميم بالمطبخ اللي جنب غرفته
حصة ابتسمت تردّد: هب نسناس الهواء لي من شمال، حاملٍ معه ريح الخزامى والنفل
وجد ضحكت: أي شمال يا يمه وحنا في شرق! ما تشمين ريحة البحر
نفت حصة تستنشق ريحة الخزامى من الابريق اللي على النار: أشم ريح الخزامى
تميم اللي يطلّ بالابريق: ما جهز اللافندر؟
حصة ناظرته: اسمه خزامى بلا فلندر بلا خرابيط
وجد بضحكة: لافندر يمه مو فلندر
حصة سفهتها والتفتت لتميم: روح شوف عناد صاحي؟
التفتوا لصوت عناد: صاحي وأشم ريحة اللافندر من غرفتي
حصة فزّت ومدت يدها: وليدي! تعال ذوق الفلندر
ضحك عناد ومشى ياخذ كوبه من يد الجدة، و يشرب من الخزامى اللي يحبه
يحبه من يدها خصيصًا، يشرب ويستمتع بطعم الأعشاب اللي تسويها من صغره، من البابونج للخزامى، اليانسون والزنجبيل والكركديه
يحب كل شيء تلمسه يدينها، تفوح ريحته وتعطّر زوايا البيت، ويترك طعمه أثر حلو ودافي بصدر عناد وأحفادها
وتنهد: جعل هاليدين تسلم
ابتسمت حصة تتأمله، والتفتوا لصوت مشاري اللي دخل: قالوا تتوب؟
ضحكت حصه تسمعه يكمل قصيدته: قلت لي قلب ما طاع، عيّا يتوب القلب عن حب حصه
تقدم يبوس راسها ويأشر على قلبه: وشلون اتوب وخافقي بين الاضلاع، ينبض لها نصّه ويشتاق نصّه
حصة طبطبت على كتفه: الله يرضى عليك
و مدّت الجده كوبه: خذ اشرب فلندر
وجد وتميم بتزامن: لافندر يمه
مشاري ناظرهم: ماهو على كيفك انت وياها، اسمه فلندر
مشت الجدة بعصاها تطلع من المطبخ تستغفر وتهلّل بصوت عالي
عناد أشّر: اذا سوت فيكم كذا يعني عطتكم ميوت

غريب يدوّر في طرف عينها حضن ووطن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن