الفصل الثالث

484 41 10
                                    

الفصل الثالث

وكما توقع كان الطبيب هو بطل الحديث الدائر بين الاثنتان، وهي تقص على زوجته كل ما تحدثت به أمام  عزيز، والأخرى تستمع بانتباه، وابتسامة بالإنبهار تعلو وجهها، للجرأة التي طرأت حديثًا على جارتها.

حيث أتتها الفرصة لكي تتحدث مع الطبيب الذي تسكن بمنزله لما  يزيد عن الأربع سنوات ومع ذلك لم تتمكن من رؤيته سوى بعض مرات معدودة، بفضل انشغاله الشديد، حتى وهي تعالج من قبل زوجته، الطبيبة الراقية الأستاذة فاطمة.

-لما صامتة أنتِ يا عزة؟ تكلمي وادلي برأيك عن ما قصصته عليكِ.
سألتها ابتسام في محاولة منها لتسمع وتعرف برد فعل جارتها عما تتفوه به، وكان رد الأخرى ابتسامة متسعة ومرحة:

-وما الحاجة لسماع رأيي يا امرأة؟ وقد تطورتي وصرتٍ تحادثين الرجال، لقد فشلت تربيتي، أنا لم أربي جيدًا.
قالتها بمزاح لتنطلق الضحكات الصاخبة منهن فتصل إلى هذا المتعوس الملتصق وأذنه خلف الباب المغلق، ليزداد الضجيج في عقله بالتفكير المتواصل.

لقد رحبت  بالرجل وكادت أن تقع من طولها لمجرد رؤيته بالقرب منها، أوقفته واعترضت طريقه بلهفة وخفة غير طبيعية، حتى إذا افتر فاهه بشبه ابتسامة لها؛ حلقت في الفضاء بفرحة وكأنها ملكت النجوم، لتأتي وتقص على زوجته وكأنها فعلت أمر بطولي.

أو أنها التقت بنجمها المفضل في التلفاز، وحصلت منه على توقيع لتظل تفتخر به بجميع سنوات عمرها القادمة، تنهد يغمض عينيه بتمني أن يُصبح هو مكان الرجل، فينال ما يبتغيه من النساء.

نفض رأسه عن هذا الخاطر الغريب، فهو لا يحلم بغيرها ولا يوجد من النساء ما حلت برأسها كمثلها،  لقد سكنت بعقله واحتلت وجدانه وسيطرت على كل حواسه، فلا يرى من النساء غيرها، ولا يسمع بأفضل من صوتها، ولا  يتنشق برائحة كرائحتها التي تتركها في ركن من منزله.

على صوت ضحكاتهم مرى أخرى يقطع عنه شروده، فالتفت رأسه بحدة،  وقد ضاقت أنفاسه وتعب من كثرة التفكير في التعلق بالمستحيل.

خطر إليه النهوض وطردها من منزله كي يستريح عقله ولو لدقائق من مشاغلتها له على الدوام، حتى لو كان هذا بدون قصد منها.

❈-❈-❈

في المساء وعلى ميعاد النوبة المسائية، دلفت لداخل الحجرة على صوت الهاتف الذي لا يتوقف بصوت الإتصالات العديدة التي تتواتر عليه، وزوجها واقف امام المرأة يتأنق بما يرتديه كما ينثر على ثيابه العطر، بتجاهل تام للرد

-عصام الا تجيب على الهاتف اللعين؟ وتريحنا قليلًا من الأصوات المزعجة؟
هتفت بها نحوه مندهشة بانزعاج قابله هو بنظرة باردة لانعكاس صورتها في المراَة، ليرد بعد وقتٍ طويل وقد أحرق أعصابها بالفعل في انتظاره.

ما بين العشق والهوس ( النسخة الفصحى)Kde žijí příběhy. Začni objevovat