الفصل الخامس

349 26 5
                                    

الفصل الخامس

خرج من الغرفة وفور أن وقعت عينيه على المائدة الصغيرة للطعام وقد توسطها الطبق الكبير للون الأخضر لمحشي ورق العنب الذي يعشقه بالفعل، صياح الأمعاء الجائعة اصبح وحوش تعوي بداخله وقد زاد جوعها لأضعاف فور الرؤية المحببة إليها، ولكنه اللتزم الهدوء حتى جلس على مقعده على رأس السفرة.

وضعت اقراص الخبز بجانبه ثم ذهبت للمطبخ لتأتي بالبقية، انتهز الفرصة ليتناول اربعة خلف بعضهم سريعًا، والطعم بفمه يكاد أن يطيح بعقله من الروعة، تناول بعضهم سريعًا مرة أخرى قبل إن تخرج من المطبخ ليتمهل بالمضع حتى لا ترى لهفته.

اقتربت لتلامس كتفه الأيمن بذراعها المكشوفة وهي تضع طبق الدجاج المحمر أمامه، ثم الأطباق الصغيرة بالتوالي وهي تتعمد التلامس عن قصد لتزيد من ارتباكه الذي يحاول بصعوبة للسيطرة عليه، رائحتها الرائعة مع شهيته المفتوحة للطعام كل هذا يجعله بعالم اَخر معها.

جلست اَخيرًا لتتناول الطعام على مقعدها،  لتجده انكفأ على طبفه يتناول بصمت دون أن ينظر إليها،  الأمير المتعجرف يتعمد التجاهل رغم كل ما تفعله معه، وكأنها هي من أخطأت كما تفوه بالأمس وأردف بالكلمات التي سرقت النوم منها، ليتها تفهم ما يدور برأسه.

عصام زوجها الذي يشعرها في لحظة أنها ملكة متوجة على قلبه، ثم يقلبها بغتة ليزرع الخوف بقلبها مع تهديده الدائم أنه قادر على الاستغناء عنها في أي وقت وبدون تفكير، ولكنها تعلم أن لها مكان ما في قلبه، ولكنه يأبى الإعتراف أو الشعور به.

تطلعت إلى شهيته المفتوحة وهو يتناول الطعام بنهم، وقد تناسى تحفظه معها، يبدو أن الجوع مع طعم طعامها الشهي قد أتى بمفعوله معه.
-بالهناء والشفاء على قلبك.
قالتها فجأة وكأنه تنبهه على لهفته على طعامها، سمع منها يومئ برأسه لها دون صوت.

تابعت هي بمخاطبته سائلة بقصد فتح الحديث معه وفك جموده، فقد ضاقت من المحاولات الكثيرة التي لم تؤتي بنتيجة جيدة حتى الاَن معه:
-لم تقل لي رأيك في الطعام؟ هل أعجبك؟
صمت قليلًا ثم أجابها وعيناه الحادة تأسر خاصتيها:

-تعلمين أني أحب محشي أوراق العنب، هذا يعني أن طعامه بفمي سيكون جميلًا حتى لو هو ليس كذلك.
اعتلت ابتسامة رائعة ثغرها لتردف له:
-نعم أعلم وفعلته مخصوص من أجلك يا عصام، كما فعلت أنت صباحًا وأتيت إلي بالشئ الذي أحب.

عاد إلى طعامه ليُظهر عدم اهتمامه رغم فهمه لما تقول، وشعورها هي بما يقصده من تجاهل،  لتجفله فجأة بمسك يده ليرفع أبصاره إليها باستفهام ليجدها تخاطبه برجاء:
-أرجو منك ألا تفعلها مرة أخرى يا عصام، انا أحاول دائمًا لإرضاءك، ومجاهد بكل قوة حتى تفشل زيجتنا.

صمتت برهة لتتابع:
- عدني ألا تفعلها أرجوك، إن وجدتني أخطأت نبهني أو حتى وبخني، أو اضربني لو لزم الأمر، لكن لا تهددني بالانفصال.
كانت تتطلع إليه ياستجداء وهو يبادلها النظر بصفحة مغلفة لوجهه لاتظهر أي رد فعل لقولها.

ما بين العشق والهوس ( النسخة الفصحى)Where stories live. Discover now