الفصلُ السادس 🦢 طمسُ الحقيقة

13 1 0
                                    

إِنَّ النِساءَ كَأَشجارٍ نَبَتنَ مَعاً
مِنها المِرارُ وَبَعضُ المُرِّ مَأكولُ
إِنَّ النِساءَ مَتى يَنهَينَ عَن خُلُقٍ
فَإِنَّهُ واجِبٌ لا بُدَّ مَفعولُ
لا يَنثَنينَ لِرُشدٍ إِن مُنينَ لَهُ
وَهُنَّ بَعدُ مَلوماتٌ مَخاذيلُ

_ الطفيل الغنوي _

•••

لماذا قد يقومُ أحدهم بطمسِ حقيقة؟ لِم يُحمِل نفسه ما لا طاقة له به؟ لِم عليه أَنْ يَقُومَ بِحفْرِ حُفرة عَميقة في مكان مهجور في قلبه ويدفن هٰذه الحقيقة هناك، مُتلويًا من شِدَّة الألمِ الذي يجلبه لنفسه كتلوي المُحترق بالنِّيران، ثمَّ يقوم بإخفاء مسرح جريمته بِكل ما أُوتي من نفاق وكذب؟ رُبما لن يلاحظها البعض لٰكنك ستفني عمرك كاظمًا على قلبكَ المسكين، ستخشى الاقتراب من تلك المناطق أو حتَّى استحضار أسمائها، ترتجف كالسمك الذي يخرج من مائه، ترتعبُ كُلّ الرعب أن تمسَّ تلك المناطق حتَّى ولو دون قصد وكأن أرواحًا شريرة ستكون هناك بانتظاركَ بفارغ المقصلة.

ببساطة تموت وأنت حيٌّ تتنفس الهواء كالسم.

لٰكن لا بد للحقائق جميعها كبيرةً كانت أم صغيرةً أن تستيقظ من رقودها وتُدافع عن نفسها وأصحابها بإقدام وعزيمة، مُحنية رأس كل من حاول ومن قام بسلبها صوتها وقمعه، مهما كانت الحفرة غائرة في أعماق أرض الخوف ومهما تصرفت باحترافية مُبهرة سيكون لكلِّ هٰذا أجل، سيكون لكلِّ شيء نهاية، جميلًا كان أم شنيع!

•••

في وقت الظهيرة...

وجدَ آرلــو نفسهُ في مكانٍ غريب وأشخاص غُرباء، مُتَّخذًا مسؤوليَّةً ضخمةً لم يسبِق له تجربتها و لم يحلم قط بتحمُّلها، دراسـتهُ للمحاماة كانت لِمُجاراة عائلته فقط لاغير، كحال الكثيرين الذين درسوا تخصُّصًا مُعينًا لٰكنهم يعملون بتخصُّص آخر تمامًا ولا يمت له بِصلة من قريب أو بعيد.

عَليهِ أَن يَحلَّ محل أخيـه الرَّاحل، ينظرُ إلى نفسه يجلسُ على كرسي كارل في مكتبه بعد أن أخبره والده أنَّ من الأفضل أن يستقرَ في غرفة كارل، فهي واسعةٌ وأنيقةٌ وستفي بالغرض، وبإمكانه إجراء أيِّ تعديل عليها حَسَبَ ذوقِه وراحته.

هل عَليهِ أن يُغير شَخصيته لتتلاءم مع عمله الجديد؟ هل ستتغيرُ من تلقاء نفسها؟ أستنزوي تلك الشَّخصية المرحة والشَّقية في زاويةٍ ما، مُكتئبة، عازفة عن الحياة؟ هل سيكونُ على قدرٍ كافٍ من المسؤوليَّة؟ هل يومًا ما سيقومُ بالثَّوران والعِصْيان في وجه الجميع؟

وبينما تَتتابعُ الأسئلةُ والأفكارُ في عقله...

جاءَ صوتُها الهادئ وهي تقول بعد صمتٍ دام لأكثر من عشرين دقيقة:

Themis | ثيميسWhere stories live. Discover now