الفصلُ العاشِر 🦢 دَقائِق مِن الانسِجَامِ

8 1 0
                                    

لِيذهب كلٌ منّا في طريقه
أنا نحوك وأنت نحوي

_ جبران خليل جبران _

•••

العاشر من مارس
السابعة وخمسون دقيقة من المودة صباحًا.

كانت ليلته هانئة ومُريحة، فهو باستطاعته التَّأقلم عَلى تغيير الأماكن بِسرعة لا مَثيل لها. تناول دواء للصداع وَجده في علبة الإسعافات الأولية الليلة السابقة ثمَّ غَط في نوم عَميق، لم يشعُر بِنفسه كيف انسابت. تَقلب في السرير لسماعه بعض الأصوات المُزعجة القادمة مِن الخارج في الصباح، كان رأسه فوق وسادة ووسادة أخرى في حضنه قَام بِوضعها فَوق رأسه بِالتحديد عند موضع أذنه ظانًا بذٰلك أنّ الصوتَ سيتلاشى ولٰكن هيهات هيهات.

أزال الوسادة ورَفع بدنه ليجلس وَسط السرير، ينظرُ حوله ويتذكر كلّ ما حَصل في الأمس، لقد كان يومًا مُستنزِفًا حقًا. تذكرها هي! رَفع أحد حاجبيه بِفضول، يتساءل مَاذا تراها تفعل الآن، قام وذهب للحمام، غَسل وجهه وقام بِتفريش أسنانه وترك شَعره كما كان فَهو يُحبُّ شعره عِندما يستيقظ مِن النوم حيثُ يكون في حالة مُحببة له، تجعلهُ يبدو أكثر وسامة.

تَرك الغرفة وتوجه نحو غرفة المعيشة ليراها هناك، تجلسُ عَلى أريكة مِن الأرائك السَّوداء التي تنسجم مَع ديكور المنزل الذي تتراوح تدرجات ألوانه بين الأسود والأبيض والقليل مِن الرمادي، فكَّر أنَّها ألوان كئيبة، لا ألوان مُنعشة في منزلها إلا أنّه رأى باقة ورود وردية اللون مَوضوعة في مزهرية منقوشة بِالأسود والأبيض، ورود توليب، الورود التي أهداها البارحة!

ابتسم لرؤيتها فَوق رخام المطبخ عَلى ما يبدو أنَّه لم يُلاحظها الليلة السابقة جَراء العتمة، عندما أحسّت هي بِمجيئه التفتت تنظرُ له وابتسامة مُشرقة زينت ثغرها وهي تقول:

- صباح الخير أيها المُتمرد.

أعجبه مُناداتها لهُ بالمُتمرد، فمنذ لقائهما الأول وهي تناديه بما كان كارل يناديه. ابتسم إثر ابتسامتها وكلمتها ليقول بنبرة ما زالت آثار النوم مُصاحبة لها:

- صباح الخير أيتها المُحامية.

اقترب أكثر ليُردف:

- النشيطة، فعلى ما يبدو أنكِ إنسانٌ صباحي.

اتَّسعت ابتسامتها، هُو صادق فالصباح يُشعرها بِالطمأنينة ويرتبط لديها بالنشاط والحيوية، أمّا عند حلول الليل يكون التعب قد أخذ منها كلّ منحى ولا تشعر بِالرغبة في فعل أيّ شيء سوى التمدد والنوم.

- نعم، أحبُّ التَّأمل في الصباح، يعطيني طاقة وحيوية لمجابهة مشاكل اليوم بأريحية.

جَلس عَلى أريكة مُقابلة بينما يستمع لصوتها الجميل، حدق فيها لبرهة وهو يرى أشعة الشمس تستلقي على مَلامِحها ثمَّ قال مازحًا:

Themis | ثيميسWhere stories live. Discover now