الفصلُ الثالث عشر 🦢 بَاكُورَة الحُبِّ

20 0 0
                                    

يَلُومُونَنِي أَنْ هِمْتُ وَجْداً بِحُسْنِهَا

وَأَيُّ امْرِئٍ بِالْحُسْنِ لَيْسَ يَهِيمُ

وَهَلْ يَغْلِبُ الْمَرْءُ الْهَوَى وَهْوَ غَالِبٌ

وَيُخْفِي شَكَاةَ الْقَلْبِ وَهْوَ كَلِيمُ

_ محمود سامي البارودي _

•••

تَعابير وجهه لا يُمكنها إظهار رُبع مَا يشعر بِه، قَطب حاجبيه بِغضب، اِحتدت نَظرةُ عَينيه حتَّى آض عَسلهما نارًا ضَارية، لا شيء بإمكانه وَصف مَا يحدث لهُ، يشعُر وكأنَّهُ يُعذب، وكأنَّهُ مَصلوبٌ عَلى خَشبة الحُبِّ، ويُدقّ بِمسامير ليست سِوى مَسامير نَار الغيرة، رُوحهُ تُناجي، جَسدهُ يُعاني، مَا العقوبة الجائرة هٰذه؟ هَل هِي عادِلة؟ ذَنبهُ هُو تَمرد قَلبه ورغبته بِأن يُوسم باسم أُنثى، بِحيثُ لا أُنثى قَبلها ولا بعدها، أن يَخفِق مِن أجلها، يثورُ عِند رُؤيتها، يَشتاقُ عِند غِيابِها، يسكن عِند وَصلها، هل هٰذا ذنب يستحق التَّعذيب؟ أين العدالة؟

اشتدّت قَبضتهُ عَلى الهاتف الَّذي لا ذَنب لهُ سِوى تَقصير المسافات، وتَوفير وقت الإنسان، كانت كَلِماتُ الرسالة في نظر آرلو، وكأنّها تُغيظه أو تُخبره، أنّ عليّه ألا يَتأمل كثيرًا، فهُناك من هُو قَبله، من يعرف الجميع بِحبهِ لها، حتَّى هِي تعرف ذٰلك.

لاحظت شُروده في قِراءة الرسالة مِن هَاتِفها! انزعجت مِن اقتحامهِ خَصوصِيتها وسريعًا سَحبت هاتفها مِنه، لتقرأ الرسالة المُرسلة، لم تَشعر بِشيء تِجاه الرسالة، كما لا تشعر بِشيء تِجاه آرمان، ليست المرة الأولى التي يتناولان فِيها الطعام معًا، لٰكنها المرة الأولى الَّتي تشعر بِشيء غَريب، شيء ليس لها يدٌ بِالتحكم بِه.

- هل أنتِ مُعجبةٌ بِه؟ فَعلى مَا يبدو أنّه كذٰلك.

رَمقتهُ بِنظرة سَاخِطة، فَنبرتهُ الاتهامية لم تُعجبها البتة، رَمت بِكلماتها التي كانت كحِمض الهيدروفلوريك عَلى قَلبه الذي اِحترق وذاب وانسلخ:

- لا شَأن لكَ بِحياتي الخاصة، كما أنّه لَيس الوحيد الذي يَفعل، هُناك غيره آخرون.

رَفعت حَاجِبها آخر كلماتها، قَبل أن تَستنِد عَلى الكرسي بِكُلّ ثِقة، تَجهل الحرائق التي تحصل فِي غابات أحشائه، كلماتها لم تَفعل شيئًا سِوى تأجيج غَضبه، راودتهُ رغبة بِكسر هَاتِفها، والذهاب وطحن وَجه المُسمى آرمان، وغيره مِمن يُحاول الاقتراب مِنها، لا يستطيع التَّحكم بِذاته، صَار صَعبًا التعرف عَليّه.

يشعرُ بِالغيرة! هُو!!

شَاهد أناملها وهِي تنقر عَلى لَوحة المفاتيح بِكلمات يَجهلها، وجهله لها مَزقه إربًا إربًا، جَاء سُؤاله بِحِدَّة:

Themis | ثيميسWhere stories live. Discover now