الفصلُ التاسِع 🦢 لَيلة مُلبَّدة بِالتَّعبِ

10 1 0
                                    

وَإِن قُلتُ رُدّي بَعضَ عَقلي أَعِش بِهِ
تَوَلَّت وَقالَت ذاكَ مِنكَ بَعيدُ
فَلا أَنا مَردودٌ بِما جِئتُ طالِباً
وَلا حُبُّها فيما يَبيدُ يَبيدُ

_ جميل بثينة _

•••

لا تَدري كيف وجَدت نفسها هُنا! فبعد تلك المُكالمة التي لَم تفشل بِجعلها تَستغرب هبّت مِن سَريرها الدافئ بِغير تصديق وبِسرعة لم تُدركها، لترتدي مَلابس مُناسِبة وتَستقل سَيارتها وتتوجه إلى مَركز الشُّرطة! مَركز الشُّرطة؟! حقًا؟ آرلو مَا الذي فعلتهُ لينتهي بك المطاف هُناك؟! ظلَّت مَشدودة الأعصاب طوال الطَّريق الذي ولوهلة ظنَّت أنَّه لن ينتهي والدقائق لن تمر إلّا والفزع قد قَضى عليها. صَوته أثناء تحدّثه معها كان مُرهقًا ومُترددًا وأحسّت هي بِخجله مِن مُكالمتِه لها. لها هي! لماذا قَام بالاتصال بها مِن بين الأشخاص الذين يعرفهم؟! لديه والده المُحامي والذي بالتَّأكيد لديه مَعارف كثر من المُحاميين. لٰكنه اتصل بِها!!

بقِيت تَنتظر قُدوم الشُّرطي لمرافقتها لرؤية آرلو، تَضمّ ذراعيها إلى صدرها وتعطي المكان نظرات حَانقة، إنَّها ليست المرة الأولى التي تأتي فيها إلى مَركز الشُّرطة، لٰكنها المرة الأولى التي تشعرُ فيها بِالقلقِ والتوجّس... رُبما الاهتمام له!!

لا تنكرُ هٰذا الشُّعور خاصةً الآن، اليوم، فَبعد ما حصل له ضُحى هٰذا اليوم عَلى ما يبدو أنَّ العدوى أصابتها أيضًا، فبعد تناولها الغذاء برفقة إيزابيل وآرمان بصمت، فضلت الإنتهاء من عملها في الشركة والذهاب للمنزل واستكمال باقي العمل هناك، فالصداع تملكها كما تملكه. مع بقاء جزء يسير من ذهنها عند الرجل المتمرد الذي لم تفهم كيف أصابها بهٰذه العدوى، شعرت بالقلق حياله حتى أنّها ودّت لو كان بحوزتها رقم هاتفه لترسل له رسالة تطمئن فيها عليه لٰكنها شعرت بغرابة الموقف وفكرت في سؤاله غدًا عند رؤيته.

جَاء شرطي وأخبرها أن باستطاعتها الذهاب لرؤيته الآن، رافقته حيث الزنزانة المتواجد آرلو بداخلها، رأته، جفلت! ما هٰذا؟! ما الذي حَصل له؟ رأتهُ يجلس علَى مقعد ملتصق بالحائط وحالته أقل ما يقال عنها مُزرية. كان مُطأطئ الرأس، وجهه في حالة سيئة فعلى ما يبدو لها أنّه قد خاض شجارًا ما، جُرحٌ عند حاجبه ينزف وكذٰلك آخر عند شفته، قبضتاه ملطختان بالدم الذي جفَّ حتَّى تكاد تظنّ أنه لن يزول أبدًا وسيبقى ملتصقًا بيديه، قميصه الأبيض أمسى لا يمتُ للبياض بصلة، معطفه مُلقى بفوضوية بجانبه.

لم يغب عنها عَلامات الإرهاق والتعب القابعة في ملامِحه الغاضبة نوعًا ما! هل هُو غاضب؟!

رفع رأسه حينما سمع وقع أقدام آتية صوبه ليراها هي، لقد أتت ولبت استغاثته، حمد الرب قبل أن يقف على قدميه ويقترب من قضبان الزنزانة الحديدية ويتحدّث كأنّها مُنقذة حياته:

Themis | ثيميسOn viuen les histories. Descobreix ara