السلطان المملوك 17

5.5K 339 7
                                    

#السلطان_المملوك
الفصل السابع عشر
أتراها تحلم؟ يا إلهي! كلا ليس حلماً، فقد عاودت غلق و فتح عينيها مرات كثيرة، حتى أنها عضت على لسانها، و آلمها بشدة. "توقفي عن التملل و الحركة يا إمرأة. أريد أن أنام في سلام." رفعت نظراتها إلى عينيه، مازال مغمضاً إياهما، لكن بسمة تعلو ثغره، و هو يتحدث. شهقت من المفاجأة، ففتح عينيه. "منذ متى عاد إليك وعيك؟" " و هل ذلك هو المهم الأن؟" "و مالذي قد يكون أهم من ذلك؟" " أنني إفتقدتك بشدة."

ذابت كقطعة ثلج وضعت في قلب النار، و كأن كل شيء في الكون قد إختفى من أمام ناظريها إلا هو. داعب شعرها القصير قائلاً " لما قصصتي شعرك يا زهر؟ ألأجل التنكر؟ بلى، و أيضاً إنتقاماً منك، فقد كنت تحبه." "و مازلت أحبه، تبدين كصبية رقيقة." رفع بأنامله خصلات تصل لفكها فقبلها. كانت ترتجف لحنانه معها. أتراه يحبها؟ لا يمكن.. لا تريد لأمل أن يولد، ثم يذبح على نافذة الواقع، لكن ذلك الأمل قاوم ليرى النور في جنبات قلبها و عينيها. نظرت إليه، فهم بأن يقبلها، لكن طرقات على الباب كانت بمثابة دلو من ماء بارد إنصب فوق رأسيهما.

كان الطارق طبيب القصر، جاء ليستفسر عن صحة مولاه. " هل كان يتوجب عليك مداواتي في الصباح الباكر هكذا؟" " آسف لإزعاجك يا مولاي.." كان وجه زهر الإقحوان كالجمر في حمرته. كانت قد نهضت و إبتعدت عن فراش السلطان حالما سمعت طرق الباب. و بسبب فعلتها المفاجأة هذه ، أصابها الدوار، و غثيان الصباح. حين تحول وجهها فجأة من حمرة الخجل للإصفرار، إضطرب شاهين لتغير حالها، و سألها عما بها. فأجابه الطبيب بأن ما تعانيه السلطانة هو أمر عادي لمن هن في مثل حالتها. تعجب شاهين من الطبيب فسأله عما بها، فأخبره بأنها تحمل ولى عهده. حاول شاهين النهوض فجأة من فرحته، فألمه جانبه، و تأوه. أمره الطبيب ساعتها أن يلزم الفراش، فلا حاجة به لفتح جرحه و معاودة الحمى ثانيةً.

كانت زهر في تلك الأثناء تفرغ ما في جوفها في إناء مخصص لها كان تحت الفراش. يا إلهي سيقضي عليها هذا الحمل. لا شيء يظل في معدتها. حاولت الإعتدال لكنها أحست بالإنهاك، فجلست على فراش زوجها، و تظاهرت بالإبتسام لتطمئنه. تحدث الطبيب إليهم قليلاً عما يجب إتباعه من تعليمات بشأن صحتهما، و أنصرف.

" أحبك زوجتي." أخبرها، و لم تكد الكلمات تغادر شفتيه حتى تهلل وجهها بنور الشوق له. " أحقاً؟" " نعم.. أحبك و أحتاجك و أشتاقك إليكِ. ها قد إعترفت بأنني قد وقعت في هواكِ قبل أن تحبينني.." " آآآه يا أحمق.. فقط لو تعرف. لقد وقعت أسيرة الهوى منذ طلبت يد ابنة عمي، و من قبل ذلك. في زيارتنا لابنة قائد الجند صديقة نور القمر، كنت أراك تتدرب مع صديقك من خلف النافذة.. ساعداك القويان، و يدك الممسكة بالسيف.. نظرة عينيك التي تشبه نمراً شرساً.. حبات العرق على جبينك.. كل حركة.. كل كلمة.. كل إشارة منك بمثابة نقشٍ في ذاكرتي، و تقول أنك أحببتني أولاً! أنت حتى لم تدر بوجودي.. كانت نور القمر هي من تشغل بالك، فقد فتنت بجمالها." " لا أحد سواك يا زهر.. لا أحد." إرتمت بين ذراعيه شوقاً.

كاد يصيح فرحاً، لكن الطرقات قد عادت على الباب "تباً!!!!!" صاح بها، و أمر من بالباب أن يدلف للحجرة. فُتح الباب ليدخل منه بعض القادة الكبار لجيشه، " مولاي نأسف على إقتحام حجرتك هكذا، و لكن الأمر في غاية الخطورة." "ما الذي تريد قوله.. أفصح!" " إن خالك يا مولاي حين علم بأمر إصابتك، و بأنك على وشك الموت. إستطاع جمع شتات جيشه، و تحالف مع بعض أعداء مولاي، إنهم في طريقهم للمملكة على مسيرة يوم و نصف اليوم." " لا يعلم خالي العزيز بشافئي، أليس كذلك؟" "لا أحد يعلم سوى من بالقصر من خدم مقربين، و نحن من الجيش، و الطبيب." " حسناً.. أجعل خبر شفائي سراً، و أرسلوا إلى كل الممالك التابعة لي بتحضير الجيوش، و تجهيز العتاد في أسرع وقت. زهر!" " أمر مولاي " "راسلي عمك و أخبريه بألا يكون مع آو ضد أحد في هذه الحرب لا أريد أن أخسر عزيزاً لي أو لك من تلك البلاد." " حسناً سأرسل له رسالة مع الحمام الزاجل حالاً، و لكن مالذي تنوي فعله." " لا شيء.." صاح كل من بالغرفة "ماذا؟!!!!" فإبتسم شاهين قائلاً "لن أفعل شيئاً."

" هل بطل حكايتك هذا أحمق؟" رفعت شهرزاد حاجبها سخرية، و لم تقل شيئاً فقد صاح الديك.

السلطان المملوكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن