السلطان المملوك 25

8.9K 485 89
                                    

#السلطان_المملوك
الفصل الخامس و العشرون
"بلغني أيها الملك السعيد، ذو العقل الرشيد.. أن كلاً من نور القمر و زوجها قد حملا إلى قصر السلطان شاهين، و عند فتح الجوالين، و إخراج الأثنين، ألقيا عند قدمي المارد الغاضب الذي قرر الثأر لزوجته زهر الأقحوان.. و كان في أمرهما ما كان..."

حين فتحت زهر الأقحوان عينيها، ظلت برهة على الفراش تحاول أن تستجمع شتات عقلها الذي مازالت أثار النوم تغشاه. ثم تذكرت أنها كانت تنتظر زوجها في الغرفة.. يا إلهي! أتمنى أن تصل جيوش المساعدة في موعدها.. حاولت النهوض فجأة، فشعرت بالوهن و الدوار.. تحاملت على نفسها لتنهض مرة أخرى، مستندة على حافة الفراش. فوجئت بإحدى الوصيفات تسندها قائلة " يا مولاتي يجب عليك الراحة، فهذه تعليمات مولاي السلطان و الطبيب.." "مولاتي!!" " نعم. ألست سلطانة البلاد؟" "هل عادت المملكة لشاهين؟ كم ظللت نائمة؟ أين زوجي؟" حاولت الجارية أن تشرح الأمر للسلطانة. بعد برهة، تحاملت على نفسها و أمرت الجارية ان تسرع بمساعدتها في إرتداء ملابسها، و في الذهاب لزوجها السلطان.

حين دخلت القاعة، رأت ابنة عمها ملقاة ككم مهمل على الأرض، و بجوارها زوجها. كلاهما مكمم الفم مكبل الأيدي، و الأقدام. كانت مجموعة من الفرسان تراقبهم، أحدهم يحادث زوجها، و أخر يحاول إفاقة الأسيرين.. أما الباقون، فيضعون يمناهم على سيوفهم إنتظاراً لبتر الأعناق.

وصلت زهر لكرسي العرش أمام زوجها الذي هب من مقعده مرحباً بها، و ملامح البشاشة تكسو وجهه. " حمداً لله على سلامتك.." "بل حمداً لله أنك بخير، و أن المملكة قد عادت إليك." " هل علمتي بكل شيء؟" " لقد أخبرتني وصيفتي بما علمت من أخبار.. مولاي ما الذي تنوي فعله بابنة عمي؟ مهما كان صنيعها، فقد رباني عمي، و لم يفرق في معاملته بيننا أبداً.. إن فعلت سوءا بها، لن أسامحك مهما حييت." " أتغضبين لأنني أنتقم لك؟" "بلى! فقد أهنتها، و أكرمني أباها!" " يا إمرأة إنها أصل البلاء كله! كل المكائد و الدسائس كانت هي من خطط لها! كادت تطيح بملكي و حياتي و حياتك!" " أعلم ذلك! لكن لأجل خاطر عمي الذي كان بديلاً لأبي، سأسامحها." " لك ماشئت، لكنني سأعاقبها بطريقتي.."

بعد برهة، استطاع الفرسان إفاقة نور القمر و زوجها، ففكا قيودهما، ليستطيعا إجابة أي سؤال للسلطان، و الإمتثال أمامه. ما إن نظرت نور القمر حولها، حتى صرخت ملتاعة، " يا ويلي! ما الذي جاء بي إلى هنا!" وجهت ناظريها إلى شاهين بفزع، ثم لمحت زهر الأقحوان، و بدأ شرر الحقد ينطلق من عينيها. " أما زلت حية!" نهض شاهين غاضباً، و قال، " ألم يكن هذا ما أردت أنت؟ أن تظل حية.. أن تموت كمداً كل يوم على موتي، و فقدان المال، و الجاة و السلطان.. ليست كل النساء أنت يا نور القمر! أنت مغرورة حقودة تبني سعادتها على تعاسة الغير. أتعلمين أنه لولاها، لجعلتك محظية لدى أحقر الخدم لدي!" " كيف تجروء على الحديث معي هكذا!" "صه يا إمرأة! لقد سمعت منك ما يكفي.. إعلمي أن أبي و أجدادي أكثر عراقة و نسباً و ثراءاً من كل من عرفتهم طوال حياتك.. لا أعلم حقاً ما الذي أعجبني فيك يوماً حتى جننت، و طلبت يدك من والدك؟ لست سوى وجه جميل، و حتى هذا الجمال قد إختفى و صار قبحاً بنظرتك الحقودة الكارهة." " أن تصير هي زوجة لسلطان قوي يملك من الممالك و البلدان الكثير، بينما أنا زوجة أمير على إمارة حقيرة.. أن تصبح هي سلطانة، و أظل أنا أميرة.. أنا! أنا ابنة ملك.. كان من المفترض اأن أكون أنا مكانها!!!" " حمداً لله أنك لم و لن تكوني مكانها، فإظفر قدميها بمال الدنيا و ما فيها!"

السلطان المملوكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن