ما قبل العاصفة

9.9K 489 350
                                    

أمسكت تالين بكفّ كريم بقوّة وهُما يقِفات امام باب المشفى حيثُ سيستلِمان نتائج التحاليل التي اُجريت لكليهِما قبل ايام، فبعد فقد ليليان لجنينها لم تشأ ان تفتح معهُ حديثًا بشأن الأطفال الى ان يهدأ من نوبة غضبه على بُراق الذي قد أوشك على الإشتِباك معه ما ان علِم بما اصاب أُختهُ جرّاء صدمتها بفقد الطفل.

إلاّ انها وجدتهُ يأمُرها ذات صباح بالذهاب للمشفى وها قد اتت لحظة الحسم، تسمّرت قدماها امام البوّابة فإلتفِت إليها كريم بتساؤل ولكنّهُ تجمّد بصمت امام معالم الخوف التي كست ملامِحها النقيّة فإحتضنها هامِسًا برقّة:
- لا تقلقي، سيكون كُلّ شيءٍ على ما يُرام، أعِدُكِ حبيبتي.

نظرت لعينيه لحبيبتين ذوات النظرة الحنونة التي إحتوتها بأمان وقد برق ضيائهُما من عُمق السواد، فأومأ إليها بإبتِسامةٍ مُشجعة ليدلِفا بين ممرّات المشفى والقلقُ يعبثُ بقلبيهِما وما لا تعرِفهُ تالين هو انّ كريم خائفٌ اكثر منها فرغبته بالأطفال و خوفه على ردّة فعلها ان كانت النتائج سيئة كِلاهُما يعصِفان بعقله بشدة.

ما ان دخلا لغُرفة الطبيبة حتى اجلس كريم تالين على مقعدها امام الطبيبة و بقي واقِفًا خلفها ويداهُ الحانِيتان تُمسِكان بكتِفيها بحُب وكأنّهُ يُخبِرها انّهُ دومًا هُنا، بجانبها ما ان تحتاجهُ.

إبتسمت الطبيبة وهي ترى حُبّهُما جليًّا للعيان و لم تشأ ان تُطيل قلقهُما فقالت بنبرة رقيقة تتناسبُ مع تعابير القلق الطفوليّ البادي على وجه تالين:
- التحاليل نظيفة ولا شيء يدعوا للقلق، يُمكِنكُما الإنجاب ما ان يشاء الله، واظُنّ انّكِ لا زِلتِ صغيرة على الإنجاب فللصراحة- مدام تالين- شكلكِ لا يوحي بأنّكِ بالثانية والعشرون مِن العُمر، تبدين اصغر بكثير .

لم تستطِع الطبيبة كتم ضحكتها على ملامِح تالين التي تحوّلت من القلق للدهشة وعيناها ذات البريق الازرق الداكِن تتسِعان بشدّة مع إرتفاع زاويتيّ شفتيها الحمراوين بإبتِسامةٍ رائعة وهي ترفع بصرها لكريم الذي لا يقلُّ سعادةً عنها وعيناهُ تُطمئنها بحقيقة ما سمِعت فأعادت بصرها للطبيبة التي عدّلت إطارات نظّارتها هامِسة بتأكيد:
- ستكونين اُمًّا رائعة في المُستقبل القريب، فقط تحلّي بالصبر ولا تتوتّري ليكون كُلّ شيء بخير.

ظلّت إبتِسامتها البلهاء مرسومة على شفتيها وذلك الذهول المشوب بعدم التصديق يعبثُ بقلبِها الى ان هتفت بصدمة وهُما بمُنتصف الطريق:
- هل هذا يعني انّني بخير؟

إبتسم كريم وقد زال قلقه عليها من ردّة فِعلها الغريبة بالمشفى وقد ظنّ انّها ليست بخير من صمتها الغريب إلاّ انّ الطبيبة طمأنتهُ عليها وها هي اخيرًا تتخطّى صدمة الخبر المُفرِح، احاط وجهها بيديه قائلًا
- نعم انتِ كذلك، يا الهي كم شعرتُ بالقلق عليكِ، عادة الأشخاص يُصدمون من الأخبار المُحزِنة وليست المُفرِحة ولكنّكِ دومًا مُختلِفة.

سُكّر غامِقWhere stories live. Discover now