عِطر

8.8K 423 221
                                    

لم يكُن عصيًا على تالين فهم رغبة كريم ببقائها برفقته خاصّة بعد عودة ذلك الصُداع إلى رأسه مرّةً أُخرى عقِب رجوعهم للمنزِل، إرتدت ثوب نومِها الأزرق الفضفاض الذي يُرفرِفُ من نسمات الهواء حول رُكبتيها ليضيق حول صدرها بإكتِنازٍ مُغرٍ بفتحته الواسِعة بينما شارك شعرها بثورة مشاعِرها المُضطرِبة لينساب بفوضويّةٍ على كتِفيها العاريين، على أطراف أصابِعها خرجت لتدلِف مُسرِعةً لغُرفته مخافة ان يراها أحدٌ بتلك الصورة.

بدى كريم في غاية الانزعاج لطلبه منها البقاء بغُرفته ولكنّهُ حاول دحض هذا الندم بالتبرير بكونِها زوجته ووالدة طفله، وللحظةٍ تمنّى ان لا تأتي لكي لا يشعُر بالذنب أكثر ولكنّها لم تمنحهُ فُرصةً للتفكير عندما غزت رائحتها الأُنثويّةُ هواء غُرفته لتنحبِس أنفاسه للحظةٍ قبل ان يعود لشهق المزيد من هواها.

إلتفت ليصطدِم بحوريّةٍ من عمق البِحار يكسوها الأزرقُ حتّى عيناها بينما يختبِئُ الأحمرُ داخل وجنتيها وفمِها، كطِفلةٍ تجهلُ كبح سعادتِها إبتسمت بوجهه بحُب ورفعت كفّها الذي طالما أمسك بيده قائلةً بتحيّةٍ بريئة:
- مرحبًا.
شعر للحظةٍ بتلك اللحظات القليلة التي يذكُرها فيها، أو بالأحرى يذكُرُ نبرةَ صوتِها التي آنست ظُلمته لشهور، إبتسم هو الآخرُ وهو يُقلّدُ تحيّتها اللطيفة قبل ان يقول بصوتٍ خافِتٍ غليظ:
- أهلًا بكِ بغُرفتي، تفضّلي بالجلوس.

أشار لها على الأريكةِ لتضع يدها على معِدتها هامِسةً بألمٍ مُصطنع:
- هل يُمكِنني الجلوس على الفِراش؛ فالطفل سيبدأ بالتحرُّك وإيلامي إن لم أستلقي براحة.
- بالطبع، إستريحي.
أحبّت لعِب دور إغوائه وهي ترى عيناهُ المُرتبِكة ما ان أمسكت بكفّه ليُساعدها على الجلوس فتهمِسُ بدلال:
- شُكرًا حبيبي.

إبتسم ببلاهةٍ ولا زال واقِفًا امامها يتأمّلها بإعجاب أرضى أنوثتها وأشعل وجنتيها؛ فبالرغم من انها تعوّدت على نظراته إلاّ انّ الوضع الآن غريبٌ بعض الشيء؛ فقد بدى الأمر وكأنّهُما يقعان في الحُبّ من جديد، إستفاقت من شرودها فيه عندما اقترب ليجلِس بجانبها ونبضات قلبه المتلعثِمة جليّةً على مسامعها.

- أرغبُ بتقبيلكِ.
همس فجأةً لترفع بصرها إليه بصدمةٍ وقبل ان تهمِس بموافقتها شعرت بوجنتاها تتفجّران بلهيب نيران قُبلاتٍ خشِنة كملمس شاربه وسالفيه اللذان أعطياهُ لمحةً من الوقار والهيبة، لم تستطِع زفر أنفاسها المحبوسة وفمها يذوب بين شفتيه بقُبلةٍ أثارت شجنًا دفنتهُ طويلًا وللحظةٍ شعرت بأنّها تخونُ حبيبها القديم، كريم الذي أحبّها بكُلّ ما يملِكُ من جنون.

ابتعد عنها عنوةً ولا زال مشدوهًا بكمّ المشاعر التي عصفت بها تلك القُبلة ولكن دموعها جعلتهُ يمسحُ على وجنتيها بإرتِباكٍ وانفاسه اللاهِثةُ تتلاحقُ بجنون، تمتم مُعتذِرًا بصِدق:
- لا تبكِ أرجوكِ، آسِف يا تالين؛ لم أقصِد إزعاجكِ، سأبقى بعيدًا عنكِ إن كان هذا...
قاطعت كلماته هامِسةً بغرابة:
- الأمرُ مربِكٌ للغاية؛ أشعُرُ وكأنّني أتعاملُ معكَ لأوّل مرّة، انا خجِلة للغاية.

سُكّر غامِقWhere stories live. Discover now