ارواح تائهة

9.6K 499 449
                                    

- لستُ بهذا الغباء يا جميلة ولكن لا بأس بمُجاراتكِ قليلًا، ما رأيكِ بإخبار زوجكِ الحبيب بموافقتكِ.
همس جان بخُبث لتصرُخ بعذاب وهو يلتقِط هاتفه ويتصل بكنان وما ان سمِع صوت انفاسه المُتحشرِجة هتف بنبرةٍ سوداء مُتشفّية:
- ستموت من الخوف عليها أليس كذلك؟

كتمت ريفال نحيبها وأسنانها تُسيطِرُ على شفتيها بإحكام والدمعُ يُفتّقُ جروحها وزفير كنان المُرتعِد يصلي فؤادها، وتمنّت الموت عندما فاجأها همسه الخانِع قائلًا برجاءٍ مُتعب:
- إلاّ ريفال يا جان، سأفعلُ ما تُريد أُقسِمُ ان أمنحك كُلّ ثروتي فقط لا تؤذيها؛ فهي ليست زوجتي وحسب هي كُلّ عائلتي ولأجلِها مُستعِدٌّ ان اتذلّل لك الى ان...
إنتفض جسده بجنون وشهقاتها المُنهكة تقذِفُ بحِجارةٍ من ألم جدران قلبه فتُحطّمها لأشلاء ليهمس جان بتسلية:
- فات الأوان كنان رضوان.

إنخفضت نبضاته بسُرعةٍ غريبة وبرز شبح الموت بين عينيه واُذُناه تستمِعُ لصوت تمزيق ثياب زوجته، تشوّشت عيناهُ بدموعٍ لم تُعبّر عمّا جاش بصدره من ألم فغرس يداهُ بشعره بقوّة علّ فقدان وعيه لا يكون الآن، ليس قبل ان يصل إليها.
- كنان، إهدأ اخي، اوشكنا على الوصول.

همس كريم بقلق وهو يُربّتُ على كتف اخيه وهم بالطريق لمنزلهم الريفيّ حيثُ يقود أدهم -المعروف بقيادته السريعة- السيارة وبجانبه كنان بينما كريم وأوس بالخلف وسيارة أيمن رضوان تلحقُ يقودها بُراق وبرفقته ايمن وقد أصرّوا على إبقاء شِهاب مع ورد التي ستأتي سيّارة الإسعاف لأخذها للمشفى.
- أوقِف السيّارة!
همس كنان وهو يرفعُ عيناهُ المُرعِبة الى أدهم الذي لم يستطِع فتح فمه بعد هُتاف كنان بحدّة:
- الآن!

إكتفى بالنزول من مقعده ليستلِم كنان القيادة وبلحظةٍ واحدِة بدت السيّارة كالقِطارات السريعة وهي تمُرّ بسُرعة البرق على الطريق الاسفلتيّ الخالي وهواء الظلام المُشبّع بالرطوبة يلفح وجوههُم بشدّة وكأنّهُ يُنذِرُ بليلةٍ سوداء تحمِلُ رائحة الدِماء.

.
.

أغلقت زُمُرُّد عيناها بقوّة وطيف ذكرياتها المريرة يأبى مُبارحة عقلِها المُتعب فجالت ذاكِرتها بين سنوات عُمرها القديم، حيثُ لم تكُن سوى فتاةً صغيرة تلهو بحديقة القصر حيثُ يعملُ والِداها.
لم تكُن تتذمّرمن كونها إبنة المُربّية بل كان الأمرُ لطيفًا للغاية واطفال العائلة الغنيّة يلعبون معها ويُهدونها ألعابهُم.

كِنان هو الإبن الأقرب لعُمرها وقلبها إذ انّ صداقتهُما إبتدأت ما ان لمحت بريق الشمس وقد كان نِعم الصديق، يلهوا معها طوال الوقت ويُدافِع عنها امام جان الذي لا ينفكُّ عن إيذائها بشتّى الطُرُق الى ان جاء يومٌ ام تجِد فيه كنان ليسمع صُراخها المكتوم.

لقد إختار جان موعدهُ بدِقّة وكنان يقضي عُطلته برفقة والدته وليليان وفي تلك الليلة ذات الظلام الداكِن ركضت بخطواتها الشقيّة تُراقِصُ طيفًا وهميًّا لكنان حبيب طفولتها وفتى احلام مُراهقتها الورديّة واثناء قهقهاتها الناعِمة فرحًا بمُحادثتها إياهُ على الهاتف إصطدمت بجان -البالِغ وقتها التاسِعة عشر من عُمره- فشعرت بالهلع من إحكام يديه على خصرِها الهشّ قبل ان تقع ليصطدِم جسدها بجسده بتعمُّدٍ منه لتُغمِض عيناها بإنزِعاج وتُسارِع للإبتِعاد عنهُ ولكنّ نبرته الآمِرة اجبرتها على إطاعته ّبتحضير القهوة.

سُكّر غامِقWhere stories live. Discover now