سقوط

8.7K 465 169
                                    

سقط شيئًا عظيمًا بينهُما من مُنحدرٍ ساحِق مُتحطّمًا لأشلاء غير قابِلةٍ للترميم وهي ترى تلك النظرة بعينيه، رغِبت حينها بالبُكاء طويلًا قبل ان تقتُل قلبها الغبيّ الذي خاطر بحُبّ هذا الرجُل، ولكنّها حافظت على قِناع تعابير وجهها البارِد سامِحة لإبتسامتها الزائفة بتزيين وجهها هامِسةً بأسف:
- عرضكَ مرفوض زوجي الحبيب.

اجبرت عيناها على مواجهته وهي تشهقُ بصدمة جرّاء إحكام يديه على كتِفيها وهو يهدِرُ بجنون:
- ستقبلين، وستتنازلين عن الصفقة القذِرة التي إستوليتِ بها على ما ليس من حقّكِ، لن اسمح لكِ بتشويه أخلاقكِ بهذه الطريقة.
- ما الذي تعرِفهُ عن اخلاقي؟!
تسائلت بحدّة وقد بدأت بفقدان هدؤها لتُكمِل بغضب:

- لقد مات كُلّ ما هو خيّرٌ بي منذُ ان تركتني أُمّي وحيدةً في هذه الحياة، تشوهّت حياتي وانا أُجاهِدُ للحِفاظ على نفسي في خضمّ عواصف الآلام القاسية، بنيتُ جِدارًا من اللامُبالاة امام روحي المُنكسِرة الى ان اصبح هذا الجِدارُ جُزء منّي، انا سيئةٌ للغاية ولستُ بحاجةٍ لمُساعدة أحد، فلا تتدخّل ارجوك.

إرتخت يداهُ حولها ولا زالت ملامِحهُ الحانِقة تفرِضُ دورها فزمّ شفتيه بضيق وقال بصوتٍ اكثر هدوءً بالرغم من صرامته:
- ما تفعليه ليس حلًّا أخبرتُكِ انّني سأحرصُ على ان تنالي نصيبكِ من أملاك رضوان، وكُلّ ما أملِكُ سيكون لكِ ولصغيرنا...

- اللعنة! انتَ صِدقًا لا تفهمني، إن كُنتُ راغِبةً بالنقود لقبِلتُ حفنة المال الذي يرميه لنا جدّكَ بنهاية كُلّ شهرٍ ليُهدّئ ضميرهُ المُعذّب، كنتُ سأخدعكَ واستغِلّكَ لأستولي على نقودك ولكنّني لا أُريد، كُلّ ما ارغبُ به هو ما يؤذي عائلة رضوان فؤاد وحسب، الشرِكات وهذا القصر هو أوّل ما قد يُزلزِلُ هدوءكُم، وسأحرصُ على إنتزاع الراحة من بين أيديكُم فقد عِشتُم كثيرًا بهذا العِزّ والجاه وحان دورنا لنرتاح قليلا.

قاطعتهُ وهُتافها الشرِسُ المُشبّع بالكُره يخبو الى ان تحوّل لهمسٍ مُتألّم وعيناهُما تلتحِمُ بمشاعِر مُتضارِبة تخلّلها الشوقُ عنوةً إلاّ انّها لم تسمح لهُ بتملُّكِها فأبعدت يداها عن كِنان بعُنف وهي تنهضُ مُسرِعةً خارِج الغُرفة حيثُ سمحت اخيرًا لدمعة مُحتجزةً بأسوار عينيها بالنزول كابِحةً طريقها بباطن كفّها بعُنف وهي تهمِسُ بزجر:

- هو من قتل كُلّ الآمال، وها قد حان وقت الابتِعاد.
اكملت مسيرها خارج جناحهُما الى ان قابلتها السيّدة اسمهان في احد الممرّات لتُبادِرها بتحِيّةٍ مُبتسِمة قائلة:
- مرحبًا يا ابنتي، كيف حالكِ اليوم؟
اجابت ريفال ببرودها المُعتاد:
- مرحبًا سيّدتي، انا بخير شكرًا لسؤلك.

إحمِرار عينيها وعبوس ملامِحها كان جليًا للسيّدة اسمهان التي عبست هامِسةً بأسى:
- لا يبدوا انّكِ بخير، هل تشاجرتي انتِ وكِنان؟
- لم نتشاجر.
نفت مُسرِعةً لأسبابٍ تجهلها لتضع اسمهان كفّاها على وجنتي زوجة ابنها وهي تهمِسُ بإنفِعال:
- بالتأكيد حفيدي يُتعِبكِ للغاية، يجب ان تنالي قِسطًا وافِرًا من الراحة لكي تكونا بأمان.

سُكّر غامِقWhere stories live. Discover now