فرصة؟!

1.8K 93 39
                                    

دخل يوماً ذلك الشاب ، الطويل القامة ، ذو الشعر البنى والعينان البنيتان ، إلى ذلك المقهى الصغير فى ركن الشارع
عندما فتح الباب تصاعدت رائحة القهوة الفرنسية ، كالمخدر مثل طعمها تماماً ، تجعلك تدمنها من مجرد النظر لها

توجه إلى أحدى الطاولات وسحب الكُرسىّ وجلس عليه ، أشار للنادلة حتى تأتى وتأخذ طلبه ، كانت تلك الفتاه النحيفة ذات الشعر والعينان البنيتان المدعوة ڤاليرى

قالت ڤاليرى :"صباح الخير سيدى ما هو طلبك؟" قالتها وزيفت أبتسامة على وجهها ، فهذه هى طبيعة عملها ، الأبتسام فى وجه الزبائن وإلا ستطرد

"صباح الخير ، أريد كوباً من القهوة وكعكة الشيكولاتة" قالها برسمية تامة ولم ينظر لها حتى ، وهى بدورها لم تهتم ، فإذا نظر لها هل ستصبح ملكة إيطاليا كلها

همست قائلة "أختيار موفق" وكانت على وشك الذهاب ولكن أوقفها صوته
"عذراً هل قلتى شئ ؟" قالها ونظر لها عاقداً حاجبيه ويبدو عليه الغضب
"لا سيدى لم أقل شئ" قالتها بتوتر وتحول وجهها للون الأحمر
"أسمعى أنا أتى هنا يومياً ، لذا سأخبرك هذا للمرة الأولى والأخيرة ، لا تتعدى حدودك معى" قالها بغضب وتحول لون عيناه للأغمق

"حسناً سيدى أعتذر مرة أخرى " قالتها وأسرعت إلى المطبخ الملحق بالمقهى لتحضر طلبه

"يا لك من وغد متكبر " قالتها وهى لا تستوعب حقيقة أنها سترى هذا المتكبر كما تدعوه ، كل يوم


#Vallery P.O.V

"صباح الخير ماتيو ، كيف حالك اليوم؟" سألت ڤاليرى وهى تتفقد وجه ماتيو الطاهى الذى يعتبر والدها الروحى بالنسبة لها

"أنا بخير ڤاليرى ، وأنتى؟" رد ماتيو بأبتسامة على وجهه

"بخير ، نوعاً ما " قالتها ڤاليرى وذهبت تضع ورقة الطلبات على الطاولة أمامه

"ماذا تعنين؟" سأل ماتيو وعقد حاجبيه
"هناك وغد حقير متكبر بالخارج قال أنه يأتى كل يوم إلى هنا " قالتها بحزن ويأس ، فهى بدأت بالعمل للتو ، ويظهر هو من اللامكان ليدمر كل شئ

"أوه ، السيد بيبر " قالها ماتيو وأخذ ورقة الطلبات من على الطاولة وهمس "نفس الطلب مثل كل مرة "

"ماذا ؟ هل تعرفه ؟ من أين تعرفه ؟" قالتها ڤاليرى وعقدت حاجبيها ويبدو عليها الأستغراب الشديد

"نعم ، السيد بيبر يأتى إلى هنا يومياً منذ أن كان صغيراً مع والدته ولكنه أصبح الأن يأتى وحده، ودائماً ما يطلب نفس الطلب " قالها ماتيو وهو يضع الطلبات فى صحن كبير

"أوه ، زبون دائِم إذاً " همهمت وأخذت الصحن وخرجت لتضع له طلبه

تحركت بأتجاه الباب الذى يقود للمقهى ، وقبل أن تفتح أخذت نفساً عميقاً ، حتى لا تعلق بمشكلة معه
فتحت الباب وذهبت نحو طاولته ووضعت الأطباق بهدوء شديد ، ولم تنظر له حتى ، فهى قررت أن تتجنبه بقدر المُستطاع
أنتهت من وضع الأطباق وقبل أن تذهب قالت "هل من طلب أخر سيدى؟" قالت وألقت نظرة سريعة عليه وجدته يأكل طعامه وأشار لها بأن تذهب
وهو يأكل طعامه كانت تراقبه من بعيد ، ما السر وراء قدومه يومياً إلى هنا ، فهذا ليس أفضل مقهى بالمدينة بل يوجد أفضل منه ، ولما دائماً يطلب نفس الطعام ، قاطع تفكيرها أن أشار إليها وذهب قبل أن تصل لطاولته ، فحملت الأطباق ووجدت أنه ترك المال على الطاولة
"أوه ، يبدو أنه أيضاً يعرف السعر " همست بها ڤاليرى لنفسها
وبعدها ضربت جبينها بخفة وقالت "هل أنا غبية يا إلهى ، بالطبع سيعرف السعر فهو يطلب نفس الطعام كل مرة " وقبل أن تذهب وجدت تحت الأطباق ورقة ! فتحتها وكان بها صورة لعقد من المجوهرات رسمها بيديه وبإتقان

أكملَت عملها بالمقهى وودعت ماتيو وبعض أصدقائها وبعدها ذهبت لمحل الورود الخاص بها الذى أعطاها أياه والداها وسمته 'ڤالنتينو'

08:00 pm
ذهبت إلى منزلى ، أو بمعنى أدق السكن الذى أعيش به بالقرب من محل الورود مع صديقتاى مايلى موريس و چاين فوكس ، لسنا مقربين جداً لأن لكل منا حياته ، كما أنهما الأن فى إجازة مع أصدقائهما ، ظللت أنظر للورقة التى بين يداي والتى أخبرنى ماتيو أنه يضع مثلها فى كل مرة ولكن لا أحد يعرف السبب ، شعرت بالأفتتان بتلك الرسمة ووددت بشدة أن أرسم مثلها فأنا بالأساس أرسم جيداً ولكن لم يخطر على بالى من قبل أن أرسم مثل هذه التحفة الفنية، حاولت أن أرسمها مراراً وتكراراً ولكن لم أستطع رسمها بإتقان مثله فقررت أن أخذها معى غداً إلى محل الورود لربما أستطيع رسمها جيداً تناولت العشاء وخلدت للنوم ، كان يوم قليل الأحداث ولكنه كان مهم ، أتمنى مع الوقت أن أعرف سر هذا المَدعو بيبر

07:00 am
أستيقظتُ على صوت المنبه الذى أود كسره وبشده ، ذهبت إلى المرحاض ، أستحممت سريعاً وأرتديت ملابس مريحة تليق بالعمل
خرجت من المرحاض ووضعت بعض مساحيق التجميل ، بعدها خرجت مُسرِعة حتى لا أتأخر على العمل
ذهبت ولحسن حظى كان صاحب المقهى يفتح للتو ، وكالعادة حدث ما حدث البارحة
بيبر يأتى ، يجلس على نفس الطاولة ، يطلب نفس الطعام ، يشير لى ويضع المال ويترك ورقة رسم بها صورة ولكن هذه المرة كانت لخاتم وثم رحل

ذهبت إلى محل الورود ، وبعت بعض الأزهار ، الياسمين والأوركيد وغيرهم ، كم أتمنى أن تكون حياتى ملونة بمثل هذه الألوان ، أمسكت ورقة الأمس وحاولت رسمها وبعد عدة محاولات أخيراً رسمتها وبإتقان أيضاً كنت سعيدة جدا حتى كدت أطير من السعادة وضعت الورقة بحقيبتى ونظرت إلى الورقة الأخرى ، ووجدت أن الجوهرة بالعقد والخاتم متشابهتان ربما هما من نفس المجموعة
أنتهى عملى ولم يشترى أحد فأغلقت المحل وعدت لشقتى ، تناولت الغداء وبعد أنتهائى من الغداء فكرت فى أننى ربما أضع له الورقة التى رسمت بها العقد مثله على طاولته غداً قبل أن يأتى
ربما يكتشف موهبتى ، أو ينصحنى ، أو يجد لى عملاً مناسباً
الكثير من الأحتمالات تدور بعقلى ، ولا أعلم ماذا سيفعل ، فهو يبدو عليه قاسى ، غريب ، غامض ومريب
يصعب توقع ردة فعله ولكنى أحتاج إلى المال لأجل مصاريف الجامعة
لذا سأخاطر
خلدت إلى النوم وأنا متحمسة جداً إلى اليوم التالى ، اليوم الذى قد يغير مجرى حياتى للأفضل ، أو يقضى علي وعلى حياتى .

فيلوفوبيا J.BWhere stories live. Discover now