مجتمع قذر

78 15 1
                                    

كانت أمامي لائحة الموتي تنتظر من ييسر لهم لقاء ربهم .. كان أسهل العملاء لدي هو المحامي الكبير محمد عوض
البيه للأسف لم يكن غنياً كفاية ليكون في حي الأحلام حيث الوزراء و السفراء و أبناءهم و أقاربهم .. و الطبقة العالية جداً من رجال الأعمال المستثمرين .. حي الأحلام الجنة التي أقامها فؤاد سليم علي الأرض
لكن كان علي أن أبحث بداية عن الأخ المعاق الذي يعيش في ملجأ الأيتام
سامح علاء محمد .. ذهبت حيث العنوان الذي أحطاني إياه حرفوش
قد تتفاجأون أحياناً من الأفعال البشرية .. رغم أننا يجب أن نسلم بذلك ولا نتفاجأ .. يقولون أن أقذر الحيوانات المفترسة هي الضباع لأنها تأكل الضحية أو الفريسة و هي مازالت حية لا تنتظرها حتي تموت .. لكنني أخالف علماء الحيوانات هذا الرأي السطحي ، لأن هؤلاء العلماء لم يتعاملو مع حيوانات بشرية .. بشر لكنهم تعمقوا في الجانب البشري و غفلوا عن ذكرى الأخلاق أو الرحمة وكأنهما قيم مهملة لا تحتسب في المعادلة البشرية
أقول هذا لأنني تفاجأت.. تخيلو أن أكون السفاح الذي يذبح البشر ، الذي يمثل بالجثث الذي يسخر من قتلهم و يسخر من الموت تخيلو أن أتفاجأ
عندما قدمت لذلك الملجأ .. كان المبني قديم كالثياب المهترءة .. دخلت قابلت أحد المشرفين في الداخل .. سألته عن. طفل معاق يسمى سامح علاء محمد .. أخبرني أن ذلك الطفل غير موجود لديهم .. بالتأكيد أثرت مشكلة و عراك و ضجة و دخلت لرئيس الدار الذي أنكر أن ذلك الطفل موجود بالدار و دخلت فلم أجده مع الأطفال ..
.. ناديت علي طفل و سألته .. عن ولد كبير عقله علي قده ( متخلف عقلياً بس مش بالكامل .. جسمه كبير و عقله صغير ) اسمه سامح علاء
ذلك الولد أخبرني ان هناك من جاء و تبناه ..
لا يتكلم الكبار بالحقيقة إلا عند المواقف المحرجة
أتذكر جيداً تلك النظرة في عيون حسني بييه رئيس الدار عندما دخله بيته الفاخر بعد أن انتهي يومه في الدار و بعد أن لف و دار مع من يعرفهم و عاد لبيته ليتفاجأ بزوجته و بنتيه مقيدين بكراسي في وسط الصالة .. أمام باب المنزل و جهاز التلفزيون أمامهم و علي قناة سبيستون و الصوت عالي لدرجة تخرق الآذان و أنا أجلس بجانب امهم و أرتدي قناعي و أحمل سكيني
ليدرك أن السفاح أمامه و أن حياة عائلته قاب قوسين أو أدنى من النهاية

" أهلاً أهلاً .. حسني بيه باشا الكبير "

" انت مين .... و صلت إزاي هنا بتعمل إيه سيب السكينة اللي معاك ......

" متتعبطش بقي و اهدي كدا .. انت في مرحلة الصدمة دلوقتي ... متخضش الولاد .. متخافوش يا ولاد بابا مش هيتهور أهو مش هتموتو متخافوش هو عاقل أهو .........
كنت مجهز كرسي ليه
................... اتفضل بس أقعد يا راجل عايز أتفاهم معاك أنا و هخرج"
جه و قعد علي الكرسي .. و أنا كتمت صوت التلفزيون

" قعدت أهو .. انت مين و عايز إيه "

خلعت القناع و مع ابتسامة عريضة
" عرفتني يا سيدي .. قولي بقي إيه حكاية سامح بقي راح فين و ليه مكتمين علي الموضوع ده .. شوفت حاجة بسيطة إزاي ممكن تضيع حياتك و حياة عيلتك "

" سامح علاء محمد .. بإختصار كان في رجل أعمال مهم ابنه عنده فشل كلوي و كان محتاج عملية زرع كلية .. فصيلة دمه - O .. حاجة زي دي معناها إن ابنه مات أساساً لأن إحتمال إن الراجل ده يلاقي متبرع بالمواصفات دي هو إحتمال واحد في المليون و كان سامح هو طوق النجاة .. اتبناه و أخده يربيه عندو في بيته .. ينقذ بيه حياة ابنه "

" أخده عشان يسرق كليته .. أمممم .. اسمه ايه الأب الحنون ده "

" رجل الأعمال سليم فؤاد "

" سليم فؤاد .. الراجل ده مميز جداً .. محظوظ كمان .... أنا بعتذرلك جداً جداً يا أستاذ حسني علي اللي ممكن يحصل ....
و ضربت زوجته بالسكين بمعني آخر ذبحتها من رقبتها بسرعة
و عندها قام و شرار الغضب الممزوج بالصدمة و الحزن و الصراخ .. يمكنني أن أسهل الأمر بقولي إننا تقابلنا في عراك و ذبحته .. في الواقع لم استطع أن أذبح الفتاتان .. ولم أتمكن من تركهم هكذا ..

الفاسدونWhere stories live. Discover now