تمهيد

4.3K 419 48
                                    

إرهابية ...
أول مرة سمعت فيها هذه الكلمة كانت في خريف عام ٢٠٠۱ حينما كنتُ طفلة تدرس في إبتدائية ليتل تاون، لم أكن أفقه شيئًا يتعلق بالعالم الخارجي وقتها فقط كنتُ أعلم أن أمرًا سيئًا قد حصل وتفجر برجان كبيران ومات الكثير من الناس.
لكن لماذا حصل ذلك وما علاقته بي أنا سالي عبدالسلام ابنة المهاجر العربي الصغيرة؟ كل ذلك كان لغزًا بالنسبة لي.
لذلك لم أفهم لماذا كان كيفين وقتها يصرخ ويشتم فيّ ويتهمني بأنني قاتلة وأنه يجب أن أذهب إلى السجن.
بكيت في ذلك اليوم كما لم أبكِ من قبل، وتم استدعاء والديّ وتحدثا مع المدير لوقت طويل وانتهى الأمر بأن عدتُ مبكرة إلى المنزل.
بضعة أيام قضيتها بعيدًا عن المدرسة حتى تهدأ الأمور -هكذا أخبرتني والدتي- لكن هذه الأمور لم تهدأ بعد أن عدت بل انضم إلى كيفين عدد أخر مِمَّن يتهمونني بتلك الكلمة ( الإرهاب ) وازداد التنمر تجاهي.
مُزقت دفاتري، خُرّبت خزانتي، تم دفعي في الممر ومن فوق السلالم. أشياء ما كانت طفلة في التاسعة لتتحملها.
ورغم كوني لم أفعل أي شيء، ورغم كوني كنتُ مظلومة ولم أتلق أي مساعدة من أصدقاء أو أساتذة أو أي أحد.. رغم كل هذا كنتُ أنا من قام بالتضحية، وانتقلت من تلك المدرسة إلى مدرسة أخرى أكثر بُعداً عنها.
وقتها لم أكن أفهم لماذا فعلوا بي هذا، لكن وبعد أن تركت مدرسة ليتل تاون بحثت، قرأت وتمعنت وعلمت لماذا عاملوني هكذا.
وكانت صدمة بالنسبة لي.
مرت السنين ولم تكن خالية من مثل تلك التعاملات، كثيرًا ما تلقيت التنمر والمضايقات لكنني كنتُ بدأت أكتسب خبرة في تجنب المتنمرين، في جعل نفسي مخفية وألا أجلب الإنتباه.
كان إسمي سالي فقط. تجنبت ذكر إسم والدي حتى لا يعلم أحد أنني من أصول عربية مسلمة. نجح ذلك خلال دراستي المتوسطة، لكن وعندما دخلت المدرسة الثانوية عادت الأمور لتصبح سيئة.
الأطفال في الثانوية يكونون أكثر تفتحًا وقد بدأوا ينتبهون للعالم من حولهم ويستطيعون ملاحظة أدق الاشياء، لذلك لم يخفى عليهم لون بشرتي الحنطي، شعري الأسود الكثيف والطويل، وملامحي التي تنطق عربيةً. لم يخفَ عليهم أنني كنتُ مختلفة وأنني كنتُ ما يكرهون.
عاد التنمر لكني صمدت فعلى الأقل ولكوني كنتُ طالبة متفوقة تلقيت بعض الدعم من الأساتذة الذين يفضلونني استطعت النجاة لأربعة سنوات وإستطعت إثبات نفسي بأن كنتُ إحدى القلائل الذين إستطاعوا الإنتساب لكلية الطب في جامعة كولومبيا.
أثبت أنني جديرة وأنني أستطيع أن أكون مثلهم بل وأفضل منهم لكن أحيانًا...حتى إثبات الجدارة لا يكفي لنيل الإحترام.

 هُوية حيث تعيش القصص. اكتشف الآن