٠٥

2K 291 54
                                    


الشك داء مخيف يدمر النخوة في النفوس،
ويقتل المحبة في القلوب، ويطفئ بريق
الإيمان في العينين.

__________

١٧/يناير/٢٠١٨
مستشفى نيويورك
الطوارئ – الساعة العاشرة مساءً.

كانت عائشة محقة وتم إنقاذ المريض.
عملية لم تشارك بها إذ تم إستدعائها إلى مكتب المدير الطبي.. رغم كونها كانت محقة!

ومنذ وقتها لم أرها في حين إنتشرت القصة كالنار على الهشيم، الجميع يتحدث عن ما حصل بين الطبيبة الجديدة المسلمة وبين الدكتور برادلي. وبالتأكيد كان لابد أن تنتشر أيضاً معلومة أنني وهي نسكن سوياً، مما أدى إلى محاصرتي كثيراً من قِبل من يريدون معرفة المزيد عن هذه الطبيبة وعن علاقتي بها.

كان التعب قد نال مني ولم نكن قد بدأنا ليلتنا بعد حتى، أقف متكئة على مكتب الإستقبال في غرفة الطوارئ بينما أرمق المكان نصف المكتظ بعينين متعبتين.
لم أنتبه حينها لإقتراب دومينغو مني إلا عندما قال:
" تبدين منهارة حقاً، كيف ستتحملين بقية الساعات الثمانِ في المناوبة؟"
إبتعدت له إذ إمتدت يده لكي يأخذ ملفاً موضوعاً خلفي بينما أجبته:
" صدقني لا أدري."

قهقه وهو يمرر عينيه داخل الملف قبل أن يقول دون أن يرفع عينيه عنه:
" بالمناسبة.. ماذا حصل مع صديقتك المحجبة؟ "
شيء ما في داخلي أراد أن يقول أنها ليست صديقتي لكن لم يكن هذا وقتاً مناسباً. أجبته بصدق:
" لا أدري، لم يصلني خبر عنها منذ إستدعائها إلى مكتب المدير. "
" لا تبدين مهتمة للغاية بها، رغم كونكما تعيشان سوياً ".
" نحن نعيش معاً منذ يوم واحد فقط."

أخيراً أبعد الملف عن وجهه وقال:
" ومع ذلك. ألا يجب أن تقفي معها بما أنكم من أصل واحد ودين واحد؟"
بدت نبرته مستنكرة بعض الشيء بينما نظر إلي بحاجب مرفوع. أمر فجر في داخلي طاقة غريبة وجعلني أهتف قائلة:
" ألست أنت من قال أنها ستواجه مشكلة في الإندماج ولن يتقبلها الناس!
لقد تقبلتها أنا رغم كوننا مختلفتين والآن تريد مني مساندتها أيضاً! لا يمكنني إدخال نفسي في بؤرة الإنتقاد والعداء فقط لأنها لا تهتم بما يقوله الأخرون وتعتقد أنها تستطيع مواجهتهم. أنا أهتم لذلك لا يمكنني مساندتها ولا يحق لك مطالبتي بذلك إن لم تكن أنت ستفعلها!"

ختمت حديثي بقوة وأخذت أتنفس بصوت عالٍ صعوداً وهبوطاً. لأنتبه فوراً للصدمة على وجه دومينغو. والممرضات اللاتي كن في طاولة الإستقبال وإستمعن لكل كلمة قلتها.

إحمر وجهي ولم يمهلني دومينغو لحظة لكي أعتذر حينما قال بإنزعاج وهو يبتعد عني:
" ولماذا تصرخين في وجهي هكذا! لقد سألتُ سؤالاً فقط. ما كان علي القدوم إليكِ من الاساس. "
لم يتركني أعتذر وهو يبتعد أكثر متنفراً مني.
لا أصدق أنني للتو تفوهت بكل تلك الكلمات. أشعر أني قذرة وقاسية للغاية في حق عائشة التي لم تعاملني إلا بالمعاملة الحسنة من قبل!
تململت في مكاني وإنعقدت ملامحي. لألتفت ناحية الممرضتين اللتين كانتا ترمقانني بنظرات لم أرد تفسيرها أبداً. أخبرتهما أنني سأكون في الإستراحة لبعض الوقت لأني متعبة. لم تعترضا بتاتًا.

 هُوية Nơi câu chuyện tồn tại. Hãy khám phá bây giờ