٠٦

1.9K 280 98
                                    

أنا بخير، أَفضل من أَي وقتٍ مضى.. لكني أُعاني من ذاكرةٍ لا تكُّف عن العبثِ بتفاصيل الماضي.
"مجهول"
____________

٢١/يناير/٢٠١٨
جادة بروك \ مانهاتن
مدينة نيويورك.

ذهبت عائشة للنوم مبكراً تلك الليلة بعد أن تناولت حبة مسكنة لألام ظهرها لذلك لم نكمل حديثنا وقضيت تلك الليلة أفكر مليئاً في كلما قالته لي.

وفي الصباح التالي وبينما كنت أعد في طعام إفطارنا نزلت عائشة وهي تتحدث بهاتفها ببعض إستياء. أقبلت لتقف قربي في المطبخ وهي تشير بيدها كتحية للصباح ففعلت بالمثل.

-أرجوك رونالد لا أستطيع الخروج أثناء مناوبتي.
أخبرتك أنني لا أزال أحتاج أن أثبت قدمي في القسم..... يوم الثلاثاء مناسب..... يفضل إخبار السيد هيل أيضاً نعم. نعم.. -
تابعت محادثتها إلى أن أغلقت الخط أخيراً وأخرجت تنهيدة طويلة. تبسمتُ معلقة:
" مشغولة دائماً؟ "

" نعم. بسبب هذا السيد رونالد الذي لا يريد أن يفهم أنني في عمل جديد ولا يمكنني أخذ إجازات كما أريد!"
قهقهت وأنا أتخيل رئيس جمعيتهم هذا والذي يبدو عنيداً. بينما أخذت هي تحدثني عن محامي يعمل معهم وكيف أنه إستطاع إنهاء قضية صعبة بسرعة وحصل على تسوية لم تحلم بها الأسرة التي ساعدوها.

قلت بعد أن هدأت قليلاً وجلست على طاولة الطعام بينما أضع الأطباق بيننا:
" كيف حال ظهرك بالمناسبة؟ "
" جيد للغاية، زال الألم تماماً. شكراً لكِ. "
تناولنا طعامنا في صمت غير أصوات المعالق على الأطباق. قلت أخيراً:
" أفراد هذه الجمعية. هل هم من كانوا السبب في نظرتك الإيجابية تجاه الأمريكيين؟ "

ابتسمت لسؤالي وهي تهز رأسها وتعيد خصلة هاربة خلفه أذنها قائلة:
" نعم. بشكل كبير، لكن كان هناك سبب أخر أكبر."
"  وما هو؟ "
سألت بنبرة مترددة فلقد توقعت أن تنزعج لسؤالي فهنالك من لا يحبون مشاركة تفاصيل ماضيهم مع الاخرين. إلا أنها أجابت علي:
" ظننتكِ لن تسألي! "

لاحظت لإندهاشي فتابعت:
" أردت إخبارك عن هذه القصة علها تؤثر فيكِ قليلاً. لكني خفت أن لا تكوني من أولئك الذين يحبون سماع قصص ماضي الأخرين المملة المعتادة."
مبتسمة قلت: " لقد كنتُ أفكر عكسك تماماً. ربما أنتِ من لا تريد مشاركة ماضيها "
قهقهت: " أنا أحب مشاركة كل شيء عزيزتي."
وقبل أن تبدأ حديثها أنهينا طعامنا ثم ذهبنا بعد غسل الأطباق إلى غرفة المعيشة لنجلس على الأريكة المزدوجة. إلتفتت عائشة في الأريكة لتتكئ بظهرها على يدها وتواجهني متربعة بساقيها، فعلت المثل وإنتظرت حديثها.

همهمت لثوانٍ تذكرت فيها ما تريد قوله ثم إبتسمت، وقالت:
" لا أعرف من أين أبدأ، فهي قصة معتادة. عانت من ما يشبهها تقريبًا أي فتاة مسلمة درست في هذا البلد منذ صغرها. لكن قصتي إختلفت في الثانوية. أخبرتك عن ذلك الفتى الذي كان يتنمر علي."
" شقيق البغيض الذي زحلقك؟ "

 هُوية حيث تعيش القصص. اكتشف الآن