١١

3.1K 399 214
                                    


أكثر الناس ينتظرون شيئاً ما ليتغيروا، وآخرون يتغيرون عندما تحدث لهم صدمة، أو تتغير أدوارهم في الحياة، لكن أعظم التغير هو التغير المقصود الواعي النابع من التأمل و الإرادة و الشعور بالمسؤولية.
"مجهول"
____________

١٩/مارس/٢٠١٨
مستشفى نيويورك.
الطوارئ.
السادسة والنصف مساءً.

وقفتُ قرب طاولة الإستقبال بينما أقوم بتفقد أحد الملفات، كنتُ الطبيبة الوحيدة في المكان إذ ذهب البقية لحضور الإجتماع الدوري ووقعت القرعة عليّ لتولي غرفة الطوارئ أثناء الإجتماع. ولحسن حظي كانت الأوضاع هادئة بدون حالات خطرة، لذلك تولت الممرضات ترتيب المكان وتغيير المفارش وتجديد الأدوات التي نستعملها بينما أتفقد أنا ملفات المرضى.

أقبلت إليّ الموظفة المسؤولة عن تجميع الملفات وهي تطالب بالملف الذي في يدي، إبتسمت لها وقد تذكرت أننا إلتقينا في موقف مشابهة من قبل، أسرعت لأكمل كتابة البيانات ثم ومرة أخرى.. توقف قلمي فوق خانة الإسم!
نظرت إليه مليئًا بتردد لكني سرعان ما حسمت أمري وقمت بكتابة اسمي: سالي عبدالسلام.

بدا لي اسمي غريبًا هذه المرة لكنه كان مميزًا أيضًا وجعلني أبتسم لرؤيته، أعطيت الممرضة الملف فنظرت إلى محتواه مستغربة تبسمي إليه فقرأت اسمي وقالت ببعض إندهاش:
" اسمك سالي عبدالسلام؟ أيعقل أنك من أصل عربي؟ "

لا أخفي أن خوفًا قديمًا غمرني من ردة فعلها إن أجبتها بالحقيقة لكن سرعان ما غطت عليه شجاعة جديدة دفعتني لأرد عليها:
" نعم أنا من أصول عربية. "
توسعت إبتسامة على ثغرها بينما قالت:
" هذا رائع، في الحقيقة لدي صديقة من أصل عربي أيضًا درسنا معنا منذ الثانوية وتخرجنا من نفس الجامعة وهي الأن تعمل موظفة في شركة قريبة. "
" حـ حقًا؟ "

" نعم. إنها فتاة رائعة حقًا ولقد تعرّفت بسببها على أناس رائعين أيضًا."
أضافت بعد صمت لثانية:
" أتمنى أن أتعرف عليكِ أيضًا إن لم تمانعي...أنا باميلا برادفورد أعمل في قسم الإدارة الداخلية. "
مدت يدها بينما تُعرف عن نفسها لأصافحها وأنا أجيب:
" وأنا سالي عبدالسلام، سأكون سعيدة حقًا بالتعرف عليك أكثر باميلا. "

سُعدت باميلا لترحيبي ثم إستأذنت بعد أن دعتني لتناول القهوة معًا في وقت ما، راقبتها وهي تبتعد وقد غمرني حينها شعور غريب. شعور جديد لم أشعر به من قبل.

راحة كبيرة عكس ذلك الضيق الذي كان يسود في داخلي من قبل مما دفعني لأعود لعملي ببعض نشاط، لكن ذلك الهدوء في غرفة الطوارئ لم يكن ليستمر.

دخلت عبر الباب سيدة تسند رجلاً يسير بصعوبة وهي تطلب مساعدة طبية ليقبل إليها الممرض ويساعدها في نقل زوجها إلى أحد الأسِرة. وضعت ملفاتي جانباً وأخرجت سماعات الفحص بينما أتجه ناحيتهم بحافزٍ كبير للعمل.

 هُوية Where stories live. Discover now