آسغاردا

14.1K 519 233
                                    

إن في الحب شيء من الجنون، لكن في الجنون شيء من الحكمة"
-فريدريك نيتشه

....................

أسغاردا...حيثُ كل شيء متقن. السور الذي بني مقابل الشمس والقمر، ثم غمِر بدم بنّاءه.
والقلعة التي لا تماثلها قلعة. لا بتأسيسها المتقن، ولا بضخامتها غير المعهودة؛ لا يستطيع أحد أن يرصد بدايتها من نهايتها.

كل شيء متُقن كما القابعين فيها، الملوك والمحاربين، جنبًا إلى جنب، يسيرون نحو الكمال.

كانت القلعة مقرًا لعائلة أودين، حاكم آسغارد، وحافظ العوالم. وشعب آسغارد الذين كان أغلبهم من المحاربين الأشداء، أحبوا أودين الملك الحكيم، وزوجته فريغا الجميلة والحنون. كما رأوا في ابنه ثور القوة والصلابة، رأوه خير وريث لأبيه.

قدسوا هذه العائلة تقديس العُبّاد للآلهة. وأودين بالفعل كان قريبًا من كونه إلهًا حقيقي.

في منتصف القلعة قصر مهيب، ابيض شاحب بقبة بندقية. أُطلق عليه دائمًا 'قاعة المقتولين/ ڤالهالا'؛ حيث كانت كضريح مقدس موجود منذ الأزل على هيئته؛ تلك ليحتوي جثامين المحاربين الذين يموتون في الحروب بشرف. هناك يعيشون للأبد. أو حتى تدق نواقيس الحرب الكبرى والأخيرة.

على غير المتوقع، أودين وزوجته فريغا كانا هناك، يستلقيان بأريحية داخل تابوت زجاجي. الهدوء والصمت يحومان حولهما.
والعين الوحيدة التي تصل إليهما هي عين زرقاء، حادة وغاضبة كمحيط هائج.
ثور بن أودين، صاحب المطرقة، ومروض الرعد والبرق.

ظل يحدق بهما هناك عبر التابوت، ويداه معقودتان خلف ظهره. والكثير من الأفكار الغاضبة تتقاذفه يمينًا ويسارًا. وأول فكرة كانت تستحوذ على فكره كانت. أن أبناء الظلام يجب أن يُبادوا. كل واحد منهم، صغيرًا أو كبيرًا، مقابل كل قطرة دم سالت من والديه على أراضي أسغاردا..

أسقط مطرقته على الأرض أسفل قدميه، وجثى على ركبتيه دون اهتمام بأنه إله الرعد وحاكم العوالم التسعة الآن.

وضع يمناه على جهة صدره اليسرى، ويسراه على فخذه الأيسر، وحدق في والديه بإصرار غاضب.

وببطء وصوت خفيض تمتم.
«أعلم أن موتهم لن يعيد شيئًا لطبيعته. لكن مقابل وجودكما هنا، لن تكفيني إبادتهم جميعًا. لن أستحق أن أكون ابن أودين وفريغا طالما هناك واحد من أبناء الظلام يتنفس"
ثم نهض عن الأرض وضرب ردائه الأحمر للخلف عاقدًا يديه خلف ظهره.

ابن أوديـنWhere stories live. Discover now