جولة ليلية

5.9K 384 163
                                    

"الذين شوهدوا وهم يرقصون كانوا معتوهين في نظر الذين لم يستطيعوا سماع الموسيقي"

-فريدريك نيتشه.

..................

Loki's p.o.v

علي القول أنني بأفضل حال هنا، في عالم الأرضيين.

كان علي وضع هذه الحياة ضمن قائمة مشاريعي العشر الأكثر أهمية...

هل يوجد ما هو أفضل من الإستيقاظ صباحًا، التجول كالمشردين طيلة اليوم، ثم وأخيرًا، العودة والنوم ليلًا؟ حياة جميلة لعينة!

أيام قصيرة، أنفاس قصيرة، وحيوات قصيرة، مخلوقات مثيرة للشفقة، فقط بضع دقات، وينتهي كل شيء.

لم أكن يومًا مبهورًا بحياة البشر، ولم تتغير نظرتي لهم، حتى رغم ندمي على أرواحهم التي أزهقتها بسبب رغبتي المهووسة بالعرش. لكنني لست نادمًا لدرجة أن أعايش حياتهم المملة والمثيرة للرثاء!

رفعت قلنسوة معطفي فوق رأسي لتسقط على عيني. كان المعطف باللون الأخضر العشبي، بلا أكمام، وأسفله سترة رمادية، وبنطال أسود يلتف حول ساقاي.

خرجت من شقتي ووضعت يداي في جيوب المعطف بعد أن أغلقت الباب.

لقد قلت أنني أتجول كالمتشردين طوال النهار. لكني قررت تغيير الروتين، وسأخرج ليلًا هذه المرة.

قادتني قدماي بين شوارع نيويورك، وعلى ما يبدو، عقلي قد رأى أن هذا هو الوقت المناسب ليستعرض أمامي بعض الذكريات التي ركلتها لآخر رأسي منذ مدة.

لاحت في عقلي ذكرى كنت أحتضر فيها. هناك على أرض الظلام والبرودة، وبين يدي ثور، قد قلت الكثير من الأمور حين ظننت أنني بالفعل على وشك الموت.

كان الشيء الوحيد الذي كنت صادقًا بشأنه وقتها، هو أنني لم أساعده لأجل أودين؛ لقد ساعدته وعرضت نفسي للموت من أجل ثور نفسه، تلقيت الضربة لأجله، وليس لأجل البشرية الغبية التي أحبها.

حين كنت بين يديه، ورأيت خوفه ودموعه التي تساقطت من أجلي، قلقه الحقيقي علي، وصرخته اليائسة حين فكر أنني مت.

علمت وقتها أنني لم أكرهه يومًا. لم أستطع ذلك، بل كنت أوهم نفسي دائمًا أنني أفعل؛ فعلت ذلك كي أستطيع الإستمرار بسلام وقلب مرتاح في رحلتي للوصول للعرش.

لقد كنت في الحقيقة أحبه، ليس كأخي. بل ذاك الحب المثير للشفقة، وبكل مشاعري المريضة التي أملكها.

ابن أوديـنWhere stories live. Discover now