الفصل الثالث والعشرين

258 14 11
                                    

خرجت ديلايلا من غرفتها في منتصف الليل وهي تتمطئ منتظرة أن يخرج ديلان من غرفته في أي لحظة ويفزعها، وعندما لم يفعل عُقِدت حاجباها في إستغراب، في اللحظة التي كانت قد إقتربت من غرفته فيها كانت إستفاقت من حالتها النصف نائمة تمامًا، وتذكرت كل ما حدث. سقطت ملامحها في إبتئاس وقررت أن تزوره، ربما يحتاج إلى شيئًا ما، أو ما شابه ذلك.

طرقت الباب بهدوء وعندما لم يرد عليها فتحته قليلًا لتدخل رأسها منه حتى تتفقد الغرفة، بعد ذلك دخلت وأغلقت الباب خلفها لتسمع صوت تمتمات يأتي من إتجاه السرير الذي يرقد عليه ديلان. عقدت ديلايلا حاجبيها في تعجب وأضائت المصابيح الصغيرة المُعلقة على الحائط الذي خلف السرير، سارت تجاهه لتجد أن التمتمات صوتها يعلو مع كل خطوة، هرولت هذه المرة ووصلت أخيرًا لتجد أن ديلان يتلوى في نومته بينما كان جسده جميعه يتصبب عرقًا، وكان يتمتم بأشياء لم تستطع سماعها.

إقتربت منه بقلق ولمست وجنته وهي تحاول إيقاظه.

-ديلان، ديلان.

نادت عليه بصوت منخفض حتى لا يهرع عندما يستيقظ، ولكنه، لم يرد عليها وظل يتمتم كما هو، اقتربت من فمه علها تستمع لأصل تلك التمتمات لتجد أنه يتمتم بشيء واحد فقط ويقوم بتكريره (أبي، أبي) هذا ما يتمتم به لتشعر أن معدتها تغوص في أعماقها من الخوف في هذه اللحظة، لابد وأنه يحلم بوالده. حاولت بكل الطرق إيقاظه ولكنه، لم يستجيب، تسارعت دقات قلبها في رعب عندما ظنت أنه لن يستيقظ وسيظل في عذابه هذا لوقت أطول.

هي تعرف جيدًا تلك الكوابيس وتعرف فحواها، فأسوأ ما زارها عن والدها هو مشهد موته، كان يتكرر أمامها بدون توقف. وسريعًا هرعت إلى غرفتها وأحضرت زجاجة العطر الخاصة بها، وما أن عادت إليه مجددًا حتى رشت بداخل أنفه رشة واحدة، وحينها إنتفض جسد ديلان للأمام لتمسك به، ولكن، كان قد فات الأوان فقد جفل في ألم بالفعل. ظلت ديلايلا على حالها بينما كان جسده يستند عليها تمامًا في حالة عدم إدراك، وحتى يخرج من تلك الحالة حاولت التحدث بصوت ضعيف:

-ديلان! هل أنت بخير؟ هل أحضر جود؟ تكلم أرجوك، أنت تخيفني.

وكأن صوتها ضوء الحياة وقد أخرجه من ظلماته التي كانت تسحبه بداخله أكثر وأكثر، عادت إليه حواسه في هذه اللحظة وبدأ عقله في إدراك الواقع. ظل هكذا لدقيقة كاملة، ثم إبتعد ببطء عنها وكانت انفاسه مازالت في حالة فوضى.

-هل أنت بخير؟ سأحضر الطبيب.

وقفت بالفعل بعد ذلك مباشرةً ولكن، يده التي أمسكت بيدها منعتها من الحركة، هز رأسه بالنفي فعادت لتجلس مقابلة له مرة أخرى.

أجيجحيث تعيش القصص. اكتشف الآن