المشهد الأول

3.5K 86 5
                                    

تكاد تبكي من الملل الذي تعانيه, بل هو تعذيب بالنسبة إليها, واقفة بأحد زوايا المتجر المخصص لبيع الأواني الخاصة بالمطبخ, تستمع لتلك الكلمات التي تجعلها تود لو تركض هربًا من المكان, لكنها لا تستطيع,

كلما اقتربت من والدتها زجرتها بنظرة متوعدة لتعود وتقف صامتة مرغمة, بداخلها غيظ تتوعد ابنة خالتها التي وضعتها بهذا المأزق..

هي روفيدة تتنقل من متجر لآخر, وتقف بمتجر كهذا, تراقب هذه وتلك تشتري, تنتقي, تجادل,

وبعضهن يتجاذب أطراف الحديث بابتسامة سخيفة يقمن بمشاركة بعضهن البعض الرأي, فتلك تخبرها أن هذا النوع جيد, والأخرى تقترح نوع آخر أفضل..

ثم ذلك البائع السمج, والذي تود لو زينت وجهه المكتنز بلكمة تنزع تلك الابتسامة السخيفة عن وجهه, وهو يقول بسماجة لزجة:" وإنتِ يا عروسة مش هتنقي حاجة!.."

موجهًا حديثه إليها, لتبتسم بسماجة مشابهة, تجيبه بسخافة:" لا شكرًا.. خليك مع العروسة دي.."

مشيرة بإصبعها لابنة خالتها المنشغلة بحديث مهم مع والدتها, فتُخرج هاتفها تعبث به بملل, تغمغم بكلمات غير مفهومة من بين شفتيها..

حين وجدت والدتها وابنة خالتها تتحركان مُهمتان بالخروج, دون أن يشتريا شيئًا كعادتهما..

تحركت سريعًا خلفهما, بلهفة, وهي تقول:" أخيرًا.. ثواني هوقف تاكسي.."

تتحدث, وهي تنظر حولها كي توقفه, لكن توقفها يد شهد وهي تقول لها:" لسه مخلصناش.. فيه كام محل هنروحه.."

وتلك التي لم تأبه لتواجدها بالشارع, كادت أن تتخصر, ويأخذ وجهها تعبيرات الـ (الشراب المقلوب)..

هاتفة بشهقة حادة:" نااعم.. محلات مين تاني.. أنا رجلي ورمت.. بقولكم إيه.. كملوا إنتوا وأنا مروحة.."

فيصلها صوت ناعم أثار القشعريرة بجسدها:" معلش يا روفيدة.. استحمليني شوية.."

ثم ترسم وجه الرقة البريء, قائلة بخفوت حزين:" إنتِ عارفة إن مليش غيركم إنتِ وخالتي.. بعد ماما ما....."

وكان نصيبها لكزة قوية من والدتها لذراعها, مع نظرة متوعدة بشرر الغضب, تنبأها بالذي ينتظرها,

فتصمت رُغمًا عنها؛ وإلا ستنال عقابًا شديدًا من السلطات العليا المتمثلة بوالدتها..

تتحرك خلفهما بصمت حانق, تشعر بالحقد الشديد على شقيقها والذي لأنه ذكر قد نجى من ذلك العذاب..

ومع تجوالهن بالمتجر الذي فقدت رقمه,

هتفت بنفاذ صبر باكِ:" أقسم بالله ما همشي خطوة تانية.. أنا رجلي دي مش كسباها في كيس شيبسي.. ده حتى يا ظالمه ما فيه باكو بسكوت افتكرتوني بيه.. مصحييني من النجمة, ساحبيني من السرير من غير أكل.. أنا هروح يعني هروح.."

روفيدة وسيف حيث تعيش القصص. اكتشف الآن