سحقا لك

28.5K 938 246
                                    

جلست ناتالي برفقت ارورا في الحديقة الصغيرة التي تتبع لمنزلهم  يتناولان بعض القهوة  حين سمعتا صوت احدهم ينده عليهما من  اتجاه الباب

"ارورا ناتالي لقد عدنا "

التفتت ارورا باتجاه جاك الذي كان يحمل حقائب علي يده ووقفت بمحذاته عمتها زيلدا التي ركزت نظرها كليا علي ناتالي ببعض الدموع التي ترورقت فيهما تكاد تري الشوق جليا عليها وهي تراقب ناتالي  بخليط من المشاعر المعقدة التي لن تفهمها سوي ام حرمت من رؤيت ابنتها لخمس سنوات وهذا اثر في ارورا كثير والطبع في ناتالي

تقدمت برفقت جاك بتجاههما حتي توقفت علي بعد عددة امتار منهما وهي لا تكاد تري من الدموع التي غطت مقلة عينيها لتقول بصوت مبوح

"مرحبا "

هذا ما استطاعت قوله قبل ان تتساقط بعض من عبراتها علي خدها لتمسحها بسرعة بينما انهمرت دموع ناتالي بغزارة  وهي تجيبها بصوت ضعيف متقطع

"مرحبا امي "

علمت ارورا ان هذا ليس الوقت المناسب لكي تتدخل وتقطع هذا اللقاء بين ام وطفلتها اجل طفلتها حتي وان كانت تبلغ ثمانية عشر عاما وتحمل بطفل اخر هي الاخرى فستبقي دائما طفلة بالنسبة لامها  ،لذا ابتعدت عن الطريق لتدع لهما مجالا بحيث لا يكون هناك عائق بينهما واختارت ان تقف بمحاذاة جاك في بقعة قريبة من الباب

دب صمت مشحون بالعواطف الجياشة وكلا منهما تراقب الاخري باشتياق واضح لكن لم تجرئ اي منهما علي ان تنطق بحرف يعبر عما بداخلها هكذا استمر الوضع بينهما لعدت دقائق حتي قررت  زيلدا  اخيرا ان تجازف وتبدأ هي  لتقول بتردد ظهر جليا في لهجتها

"هل يمكن ...هل يمكنني احتضانك ناتالي "

ولم تكد تكمل جملتها تلك حتي  مسحت ناتالي المسافة التي تفصلهما وتهاوت في حضنها لتجهش باكية  بمرارة جعلت جسدها يرتجف بين ذراعي امهما، لتشاركتها زيلدا فيه  ايضا وهي تتمسك بها وكأنها ستختفي ان ارخت قبضتها حولها   لتحدثها بقلب ينفطر

"يا عمري انت فقط لو تعلمين كم اشتقت اليك  "

  خرج صوت ناتالي متقطعا من بين فواصل شهقات بكائها  لترد بما صرخت به كل خلية كونتها

"وانا ايضا ،وانا اشتقت اليك امي انا حقا اشتقت اليك "

 اكتفت زيلدا بضمها اليها  ولم تعد قادرة علي تفسير شيء سوي انها التقت بإبنتها اخيرا بعد سنوات  طالت عليها كالجحيم وهي بعيدة عنها  اما الان  فهي  تضمها وتستنشق عبير شعرها والاجمل انها لم تخف منها لقد كانت خائفة ومترددة من ان ترفضها بعد رؤيتها لكنها اشتاقت اليها كما فعلت  افتقدتها مثلها وهذا بالنسبة اليها لا يقدر بثمن ،وما  الذي تريد  اكثر من هذا في حياتها ،لا تظن بان هناك شيء استطاع منحها السعادة  طيلة سنوات عمرها التي عاشتها  اكثر من هذه اللحظة  لذا اغمضت عينيها لتحفرها عميقا في ذاكرتها وتركت الصمت يعبر بالنيابة عنها 

"الهروب من الماضي"Escaping from the pastWhere stories live. Discover now