028

168 21 1
                                    





"إن حياة المرء مكوّنة من مجموعة أحداث، آخرها يمكن أن يغيّر معنى الأحداث كلها، لا لأنه يرفع عددها أكثر مما فعلته الأحداث السابقة، ولكن لأن الأحداث حين وقعت في الحياة لم ترتّب بتسلسل، بل نظمت في معمار داخلي. مثلاً قد يقرأ شخص وهو ناضج كتاباً يراه مهماً، ويدفعه ذلك الكتاب للقول: "كيف كان يمكنني العيش لو لم أقرأ ذلك الكتاب؟" وأيضاً: "كم مؤسف أنني لم أقرأه في شبابي!" حسن، هاتان حالتان ليس فيهما كثير معنى، وبالأخص الثانية. فبعد قراءته الكتاب قد صارت حياته حياة شخص قرأ الكتاب. وليس مهماً كثيراً قرأه مبكراً أو قرأه متأخراً فحياته تحمل الآن شكلاً رسمته القراءة هذه.

إنني لا أتصور الإنسان ككائن بل كعابر، ينتقل في حياته لا من سنة إلى أخرى ولا من سبع سنوات إلى سبع كما يقول الأكثرية، بل من يوم إلى يوم، ومن لحظة إلى أخرى.

يقول ميشيل مونتاني: «في ما عداك أيها الإنسان، كلّ شئ في الوجود قد عرف نفسه، وليس هناك ما هو أكثر فراغاً وفقراً منك، أنت الذي يتمثل الكون فيك: إنك باحثٌ ولا معرفة! وقاض ولا قضاء، وبعد، فأنت المهرج الوحيد في المهزلة البشرية»".


- إيتالو كالفينو

أَجّWhere stories live. Discover now