البارت الثالث والعشرون والاخير ❤️✨..

5.9K 192 93
                                    


بعد يومين على الأحداث السابقة.

فتحت عيناها ببطء حين توقفت السيارة أخيرا أمام منزلها، ابتسمت بوهن وهي تنظر إليه بحنين.
تشتاق إليه، إلى كل ركن منه.. كأنها لم تأتي منذ زمن بعيد ولم تزره أبدا.
التفتت إلى حسناء حين وضعت يدها على كتفها:
- صحيتي؟
هزت رأسها وعدلت حجابها، ثم رمت على وجهها طرف الطرحة.
ترجلت وحسناء خلفها / أمسكت بيدها لتساعدها على السير والدخول إلى المنزل.
حيث أنها لم تستعد عافيتها التامة بعد.
وقفت أمام الباب بنفس مرتاحة ، شعور جميل تشعر به للمرة الأولى منذ زمن بعيد.
بعيد للغاية .
بالرغم من بعض الهموم المتراكمة على صدرها ، إلا ان جزء كبير من همها انزاح .
أخرجت المفتاح من حقيبتها، ونظرت إليه لبعض الوقت بذهن شارد، قبل أن تسمي بالله ثم تدخله وتفتحه.
خطت خطواتها داخل المنزل وشوق كبير يعصف بقلبها، شوق جعلها تنسى راحتها حتى.
حين التفتت إلى حسناء وقالت / اتركوني شوي لوحدي، بطلع فوق .
أومأت لها حسناء بإيجاب.
لتكمل يُمنى طريقها إلى الأعلى، أنزلت حجابها على كتفها ورفعت طرف عباءتها واتجهت ناحية حجرة والديها.
ابتلعت ريقها ووضعت يدها على صدرها من فرط الشعور الغريب الذي راودها في تلك اللحظة.
وقفت أمام الباب لبعض الوقت، قبل أن تغمض عيناها وتسحب إلى رئتيها هواء عميقا.. علها تهدأ قليلا.
فتحت عيناها واقتربت منه، فتحت الباب وعيناها تنذر ببكاء قريب.
أقفلته خلفها واستندت عليه .
ابتسمت بحنين وعيناها على السرير الذي بقيَ كما كان في مكانه.
الغبار يعلو كل مكان موجود في الغرفة.
بما انه لم يتم تنظيفها منذ أن رحلت هي لتسكن برفقة حسناء.
خلعت عباءتها ووضعتها على احدى الأرائك بعشوائية غير مبالية بالغبار.
رفعت البطانية عن السرير واستلقت بعد أن نفضت المخدة وفتحت جهاز التكييف ، أغمضت عيناها مجددا وهي تتخيل والدتها بجانبها.
وتتمنى لو أنها تكون في الواقع أيضا.
مررت يدها على مخدة والدتها وعيناها تمتلآن بالدموع.
مرت بها الذكرى الأخيرة مع والدتها ، وهي تلفظ أنفاسها .
ذلك اليوم حين استيقظت على ألم خفيف في بطنها، وصداع مثله .
وما إن تناولت شيئا من افطارها حتى شعرت بالغثيان .
تلك كانت المرة الأولى ، تجاهلت هاجسها وخوفها الغريب.. بما أنها أساسا وبعد أن عادت من منزل عمها ، كانت تشعر بالغثيان والمرض طوال الوقت.
وبالإشمئزاز حتى من نفسها .
كانت تحبس نفسها بغرفتها طوال الوقت ، تغتسل بعد مرور كم ساعة .
حتى أصيبت بالبرد والحمى في آن واحد .
لذا تجاهلت الأمر في البداية ، ولم تتوقع أبدا أنها قد تكون حاملا .
اجتمع عليها آلم جسدها وآلم فؤادها .
تبكي في كل وقت تكون به مستيقظة ، وإن نامت قليلا .. يكون ذلك النوم مليئا بالكوابيس المزعجة .
يأتيها كل حين من يرغب بالتخفيف عليها .
تتذكر استنكارهم الأمر.. استنكارهم لحالتها التي يظنون أنها تبالغ في اظهارها .
كان ذلك يؤلمها أيضا ، إلا انها فضلت عدم الإفصاح عن الحقيقة .
وجعلها سرا بينها ووالدتها وسعود .
تلك الأيام.. كانت تتمنى لو أنها تموت ولا تعيش بتلك الحالة المخزية للغاية .
سمعتها السيئة والملطخة ، فضيحتها التي تتناقلها الألسن ، يقذفونها ويشتمونها ويقولون بها ما ليس بها ، دونما أي رحمة ، ولا أدنى شعور بالذنب .
وصلتها ورقة طلاقها من عايض ، الأمر الذي تمّ بطلبها ورضاها ، إلا أنه قصم ظهرها وجرح قلبها بشدة .
كانت فقط ترجوا أن يمدها الله بمزيد من القوة لتصبر وتتحمل ، فقط رغبت بذلك الشيئين ، إما أن تموت أو يمدها الله بالصبر.
لم تكن تلك الأشياء كافية لانهيارها ، كان هناك شيء آخر أقوى مما كل تلك الأشياء .
والدتها التي تأتيها بين الحين والآخر لتطمئن ، لاحظت أنها تشعر بالغثيان طوال الوقت .
وظهرت عليها بعض علامات الحمل .
الأمر الذي أثار الخوف الشديد لديها .
أمرت سعود بأن يأتي بجهاز كاشف الحمل .
يومها انهارت يُمنى أكثر ، وتمنت فعلا لو لم تلد .
رفضت إجراء الكشف خوفا من أن يكون الأمر صحيحا .
لكنها لم تجد بدا من فعل ذلك بعد أن ترجتها والدتها ، لتقطع الشك باليقين .
فعلت .. وليتها لم تفعل .
أُصيبت والدتها بصدمة ، أدت إلى وفاتها بذات اليوم .
أي أيام تلك التي مرت بها ، أي حال كانت عليها ، أي مصيبة عظيمة حلت بها !
هل كان أحدهم يفكر يوما على أي مصيبة يحزن ؟ أو على أي حزنٍ يبكي ؟
هل احتار أحدهم في أمور كتلك؟ يختار أن يدمي قلبه على نفسه أم والدته!
حتى يزين لها الشيطان فكرة الانتحار .
خاصة حين بدأ بعض اخوتها بإرجاع سبب وفاة والدتهم إليها .
لو لا فضل الله ، ثم وجود سعود وعائلته بجانبها.. ربما انتحرت بالفعل وانتهت حياتها حينذاك .

رواية | وبي شوقٌ إليك أعّل قلبي.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن