البارت الثاني عشر ♥️

3.1K 56 11
                                    


صلّت الفجر , وقرأت وردها من القرآن .
ثم نزلت إلى الأسفل لتعد الفطور , فهي لم تتناول شيئا منذ الأمس .
وستموت من الجوع .
استغربت من الظلام والهدوء اللذان يعمان المنزل .
ليس هناك أي صوت أو حركة آتية من المطبخ .
ألم تستيقظ هيفاء بعد ؟
تجاهلت ذلك لتفتح الأنوار , وتبدأ بإعداد الإفطار على مهلها .
حتى سمعت صوت الباب الخارجي يُفتح .
انتظرت عمر يمرّ ويسلم على الأقل , أو يمرّ على والدتها .
استغربت حين صعد إلى حجرته بصمت .
هزت كتفيها بتعجب , قبل أن تكمل إعداد الطعام .
اتجهت إلى حجرة والدتها , لتفتح الباب .. وتستغرب للمرة الثالثة منذ استيقاظها , وهي تجد والدتها نائمة .
أضاءت النور الخافت , ثم اقتربت من والدتها , تهزها بخفة وتنادي / يمه
فتحت والدتها عيناها , لتنظر إليها بوهن .
قلقت نوف , خاصة حين لمست يدها ووجدت حرارتها مرتفعة / بسم الله عليك يا أمي , فيك شيء تعبانة ؟
أجابتها بتعب / لا حبيبتي بس شوية إرهاق , راح يزول إن شاء الله .
قبلت جبينها / إن شاء الله , ألف لا بأس عليك يا روحي , صليتي ؟
والدتها / إيه صليت ورديت رقدت .
ضاق صدرها وهي تسمع هذه النبرة الضعيفة , سألت / طيب ما تبين تفطرين ؟
هزت رأسها نفيا وهي صامتة .
تعجبت نوف تماما , والدتها لم تفوّت يوما طعام الإفطار .
شيء ما حدث بالفعل , وجعلت أحوالهم تتبدل هكذا !
قبلت نوف جبين والدتها مرة أخرى , وخرجت قائلة / أنا بفطر وأجي أجلس عندك الحين .

صعدت إلى حجرة عمر , طرقت الباب بتردد .. أتاها صوته من الداخل / نوف بغيتي شيء ؟
نوف / ما تبون تفطرون ؟ إنت وهيفاء ؟
صدمها بما قال / هيفاء مو موجودة , وأنا ما أبي شبعان .
اتسعت عيناها بدهشة , وتسارعت دقات قلبها بخوف .
هل غادرت هيفاء ؟
هل نفذت ما قالته وذهبت لأنها رفضت ؟
يا إلهي هل يتغير أحدهم بهذا الشكل !
بعد أن أحبت عمر بجنون , وصبرت عليه .. الآن تتركه بهذه السهولة لأنها لم تتمكن من تنفيذ خطتها الخبيثة ؟
كيف تغيرت هيفاء الطيبة هكذا ؟
لتصبح مشمئزة إلى هذه الدرجة !
أغمضت عيناها بقهر , وعضت على شفتها وهي تسرع نحو حجرتها .
دخلت وأقفلت الباب خلفها , لتتصل بهيفاء وهي لا ترى شيئا من الغضب .
حتى ردت الأخرى ببرود / صباح الخير .
نوف بغضب / أي خير إنتي ووجهك ؟ يوم تتركين أخوي كذا وتمشين .
هيفاء / كذا كانت خطتنا يا نوف , تزوجي واتركي البيت .. وإذا ما وافقتي على العريس اللي جبته ولا جاك أي عريس خلال هالأيام , أنا بترك أخوك .
أدمعت عينا نوف من القهر الشديد / بس يا هيفاء عمر ما له ذنب , ليش تسوين فيه كذا حرام عليك .
هيفاء / ما عليك انتي أخوك متفهم جدا , ومستعد يتركني لو أنا طلبت منه هالشيء , لأني حاليا وصلت لعمر ما يخليني أفكر إلا بالضنا يا نوف , لو العيب مني كنتي شفتي بزارين أخوك ماليين بيتكم الفاضي من زوجة ثانية , بس أنا صبرت لين جبت رند , وصار اللي صار ما أبي أوجعك أكثر .
صارت نوف ترتجف من شدة انفعالها لتقول / كيف كذا قدرتي تتغيرين على أخوي يا هيفاء , والله قاعدة أنصدم منك يوم عن يوم .
صمتت هيفاء لبعض الوقت , قبل أن ترد / إنتي ما تعرفين شيء يا نوف , ما تعرفين إيش يصير بيننا أنا وعمر , وكيف علاقتنا تغيرت بعد وفاة رند
شهقت نوف تبكي بوجع / أنا أدري إني السبب في كل شيء , بس أخوي ما يستاهل يا هيفاء , إنتي كل شيء بالنسبة له بعد أمي , تكفين لا تعذبيه كذا وارجعي , وسوي فيني أي شيء تبينه أنا راضية , بس أخوي ما يستاهل .
هيفاء / تركته لأنه ما يستاهل , أنا صبرت كثير .. شفتي باقي اخوانك كيف تركوا البيت وبعدوا عن أمك , وما يجون بالسنة إلا مرة ؟ لكن عمر لا .. هو أحسن واحد فيهم , حتى وظروفه المادية صعبة وجاته وظايف وفرص ذهبية لكن هالفرص بتبعده عن عمتي وعنك , هالشيء خلاني أحس إني فزت بأحسن وأفضل رجل في العالم , وصدق أنا فزت , هذا كان أكثر سبب خلاني أتحمل مشاعري اللي دايم تقتلني في إني أحمل بين يديني طفل من بطني , لكن حرمتينا يا نوف , وطارت كل هالسنين من دون فايدة , يوم يجيني أخوك يوميا يقول أنا ما أبي أظلمك معي , إذا تبين تتزوجين غيري عشان تنجبين الولد أنا ما عندي مانع , تدرين هالكلام قد إيش يكسرني ويحطمني , أدري إنه يقول كذا عشان يتمنى لي الخير , بس أبد مو هذا الكلام اللي كنت أنتظره منه بعد عشر سنين من زواجنا , علمته هالشيء وقلت له لا يضايقني , بس هو مصر يا نوف .. وكانت هذي آخر فرصة بالنسبة لي , عشان أصبر شوي بعد , لكن إنتي .. ما تبين تضحين بنفسك شوي بس عشان اللي تعب كل هالسنين لعيونك يا نوف .

رواية | وبي شوقٌ إليك أعّل قلبي.Where stories live. Discover now