البارت السابع عشر ❤️

2.3K 45 2
                                    



حلَ صباح اليوم الثاني .
ولا زالت كما لو كانت تجلس على موقد نار .
تشعر بالحرارة تشتعل بجسدها كله .
صوت هيفاء لم يغيب عن ذهنها أبدا ، وهي تلقي عليها تلك الصدمة الشنيعة .
بعد أن أراحت عواطف قلبها قليلا ، أتت هيفاء وأفسدت كل شيء ، حتى محاولتها لتقبل الأمر .
وعجبا له هو ، ظل يتصل بها طوال الوقت حين لم ترغب بالتحدث إليه .
والآن حين صارت ترغب بالتحدث إليه لم يتصل ولا مرة !
بالأمس عاتبتها والدتها كثيرا ، وأمرتها بالنزول إليها منذ الصباح الباكر .
لا تعرف كيف تمكنت من كبت ما بها أمام والدتها وعمر ، وكيف تظاهرت أنها بخير ولا تشكوا من شيء أبدا .
والآن مضطرة من أجل والدتها .
التي ر بما أفطرت منذ نصف ساعة ، إذ تشير الساعة الآن إلى السابعة والنصف صباحا .
بدلت ملابسها ورفعت شعرها بعشوائية .
لتنزل إلى الأسفل تحمل الهاتف بيدها .
اتجهت إلى غرفة أمها كالعادة .
ترددت في الدخول حين وجدته مقفلا .
فتحت الباب بهدوء ووجدتها مظلمة .
اتجهت إليها ببطء حتى وصلت إليها .
ضاق صدرها من منظر أمها ، صارت تضعف أكثر فأكثر .
جلست بجانبها وقبلت جبينها بحب ، ثم نظرت إليها لبعض الوقت قبل أن تخرج بهدوء كما دخلت .
التفتت ناحية الصالة لمّا رأت عمر يأتي من جهة المجلس ويتجه إليها / نوف.
نوف / هلا، صباح الخير .
عمر / صباح النور ، ليث في المجلس .
اتسعت عيناها باستغراب ، وأكمل عمر عاقدا حاجبيه / يقول انك ما تردين عليه يا نوف ، صاير شيء ؟
ارتبكت نوف وهي تهز راسها وتبتسم / لا مو صاير شيء ، بس .... تدري يعني الوضع جديد علي ومستحية .
نظر إليها عمر يتفحص ملامحها قبل أن يسأل بجدية / بس احنا أهلك ما احنا جديدين عليك ، إيش اللي خلاك تحبسين نفسك بالغرفة ؟ وما تطلعين طول هالوقت ؟
سكت قليلا ثم أكمل / نوف ترى صدق حاس إنه في شيء غريب ، يا تصارحيني وتقولين إيش هو ، أو اكتشف بنفس ووقتها ما راح يصير خير .
ابتلعت نوف ريقها وهي تفرك يديها بقوة / ما في شيء عمر ، ولا تسألني أكثر من كذا لأنك قاعد تربكني .
هز رأسه / تمام ، أتمنى فعلا ما يكون في شيء .
تحركت نوف من أمامه / عن اذنك .
اتجهت ناحية المجلس تحت أنظار عمر المتعجبة .
نوف اللي تهتم بمظهرها كثيرا ، هل تذهب أمام خطيبها هكذا في أول لقاء بينهما بعد عقد القران !

كان ليث يجلس في المجلس وأعصابه متلفة بالفعل .
علم أنه لم يتمكن من اراحة قلب تلك المسكينة التي أفسدت عليها ابنة عمه فرحتها الوليدة بنفس تلك اللحظة .
لذا حاول أن يصل إليها كثيرا عن طريق الاتصال على الأقل .
إلا أنه قلق بشدة حين مرت الأيام ولم ترد ولو مرة واحدة .
لم يقابلها كثيرا ولا يعرفها منذ زمن بعيد لكي يكن لها مشاعر خاصة عميقة .
ولكنها ربما المشاعر الحقيقية تجاه الزوج لزوجته .
نتيجة الميثاق الغليظ ، ( وجعل بينكم مودة ورحمة ) .
لذا لم يتمكن من الصبر والانتظار أكثر .
بعد أن صلى الفجر وأفطر ، ركب سيارته واتجه إلى منزلهم .
حين اقترب اتصل بعمر خشية أن يكون نائما أو منشغلا .
ها هو يجلس بانتظارها .
يفكر فيما عليه أن يقول ، أو ماذا سيسمع منها بالضبط ؟
أم أنها سترفض مقابلته أصلا ؟
رفع رأسه وانتبه من شروده على صوت الباب .
توقع أن عمر عاد ، ولكن انصدم وهو يرى نوف تدخل وتغلق الباب خلفها .
لم يتوقع مجيئها بهذه السرعة .
مرر أنظاره عليها بشيء من الدهشة والتعجب .
كانت نوف ترتدي فستانا منزليا بسيطا باللون الأزرق الداكن ، يظهر عليه طابع الشتاء .
قصير يصل إلى منتصف الساق ، كانت الساق اليمنى ناصعة البياض ملفتة للغاية ، خاصة وأنها ترتدي جوربا داكنا أيضا معاكسا للون البشرة .
والساق الأخرى ملفتة أكثر .
حيث اتضحت الصناعية !
والتي كانت عبارة عن قضيب أسود من الألمنيوم .
اقتربت منه لتجلس على الأريكة التي بجانبه بكل هدوء وبرود .
حين التفت إليها لاحظ احمرار حاجبيها العاقدين وطرف أنفها .
الآن تبدوا أجمل وهي لا تضع شيئا من المكياج .
نطق أخيرا وقطع الصمت المستفز لنوف / سلام عليكم .
ردت باقتضاب وبصوت منخفض بالكاد يُسمع / وعليكم السلام .
صمت مرة أخرى مرتبكا ، لا يدري كيف يبدأ بالحديث .
التفتت إليه مستغربة / يعني جاي تتأملني ولا كيف ؟
صمتت قليلا ثم قالت وهي ترفع طرف ثوبها قليلا توضح ساقها أكثر / شفت وجهي قبل بس هذا الشيء ما شفته ، تقدر تشوف الحين ، عشان يمديك تتراجع قبل لا تتورط .
قطب جبينه بانزعاج من أسلوبها .
حتى وان كان يعذرها ويشفق عليها ، لا شيء يسمح لها بتقليل احترامها أمامه أبدا / ما جبت طاريها يا نوف ولا تهمني .
نظرت إليه بقوة / تهمني أنا لا تقلل من قيمتها .
فعلا لا يدري ما الذي يحصل أمامه !
نوف غريبة للغاية !
دائما ما يكون واثقا من نفسه ومتحدثا جيدا ، يملك من الردود ما يخرس أمامه .
ولكنه الآن عاجز .
هل لأنه يعرف أنه أخطأ بحقها ؟
أم لأن نوف تتفوق عليه ؟
ليث / ما عرفت إيش اللي مزعلك مع اني قلت لك كل شيء ، ليش معصبة وليش قاعدة تتجاهلين اتصالاتي ؟
التفتت إليه بجسدها وهي تدعي الاستغراب / صدق ؟ أنا معصبة ؟
ليث / نوف !
نوف التي لا تدري حقا كيف تكبت انفعالاتها وتكتم غيظها .
كيف تمسك نفسها ولا تنقض عليه فتقلع عينيه بأظافرها الطويلة ولا تخدش وجهه ؟
هذا الوجه الجميل الذي أسرها يبدوا مستفزا للغاية الآن / نعم ؟
ليث / قولي لي إيش اللي قاعد يصير معك ، فسري لي تصرفاتك .
نوف ببرود / أنا ما سويت شيء .
نظر إليها بقلة صبر / قولي لي إيش اللي تبين تسمعيه مني ، إيش تبين تعرفين .
تكتفت وهي تسند ظهرها على الأريكة ، ونظرت إليه بجرأة .
خيل إليه للحظات أنها ليست نوف التي رآها في المرتين السابقتين .
اللتان كانت فيهما خجلة وحييّة للغاية .
أما الآن فتصرفاتها ونظراتها وحتى نبرات صوتها أقرب ما تكون للوقاحة !
قالت / قصتك كاملة ، من ولدت لين جيت تخطبني ، أنا من حقي أعرف عنك كل شيء ، حتى حقيقة مشاعرك تجاه كل شخص كان في حياتك .
رفع أحد حاجبيه بغرابة / ما أظن اني مجبر على الشيء ، ولا من حق أي مخلوق يعرف تفاصيل حياتي حتى لو كانت زوجتي .
نوف بذات البرود / أجل أنا بعد مو مجبرة أقول لك إيش اللي مزعلني .
أغمض ليث عيناه بقلة صبر / نوف أنا جاي أتفاهم معك وأعرف إيش صاير معك ، ما يصير من بداية العلاقة نختلف بهالشكل ومن دون أي سبب واضح ، أو نبدأها وواحد منا مو صريح مع الثاني ، مو جاي أتهاوش معك ، رجاء .
تقدمت نوف قليلا لتنظر إلى عينيه / فكر ، فكر كويس بيوم الملكة ، حاولت تعرف إيش اللي زعلني ، بروح أكمل نومي .
وقفت تنوي الخروج من المجلس فعلا .
إلا أنه نهض وأمسك بذارعها بقوة .
لتلتفت إليه وهي تشهق .
وارتجفت حدقتيها لتوضح ضعفها وشخصيتها الضعيفة أساسا .
سقط القناع المزيف الذي وضعته عليها .
نطق بهدوء / نوف .
عضت باطن شفتها السفلية بارتباك وهي تبعد أنظارها عنه .
ليكمل بذات الهدوء / أنا أشك انك سمعتي عني شيء مو طيب ، وهالشيء هو اللي مخليك تتصرفين بهالطريقة ، انطقي يا نوف ، قولي الصدق وخليني أوضح لك ، لا تحكمين علي من كلام الناس .
صارت ذراعها التي بيده ترتجف فجأة .
ليتركها وهو يتنهد بضيق ثم يقول / ارجعي غرفتك الحين ما أبي أضغط عليك ، نتكلم بوقت ثاني .
ظن أنها ستخرج فورا ، ولكنه تفاجأ حين سألت بنبرة مرتجفة / كنت تحبها .
لم يكن سؤالا ، بل خبر يقين .
جعله يرتبك حقا / وش تقولين ؟
أدمعت عينا نوف / كن تحب شذى ليش كذبت علي ؟ ليش قلت انه كان مجرد عقد؟
ليث بارتباك / مين قال لك هالكلام ؟
نوف / جاوبني .
أكملت وهي تبتسم حين لم تسمع رده / مين اللي قاعد يبدأ العلاقة من دون ما يكون صريح مع الثاني ؟
كانت عيناه متسعتان والارتباك واضح عليه بشدة .
لذا ضحكت بسخرية وقالت وهي تضع باطن كفها على خده / فكر بكذبة مقنعة واتصل فيني ، تمام ؟
أنهت عبارتها وغادرت وقلبها يعتصر من الألم .
حتى وصلت إلى حجرتها وأقفلت الباب كالعادة .
تشعر بالضغط الشديد .
وأنها على وشك الانهيار .
لو لم تكن هيفاء في الموضوع ، لأنهت كل شيء على الفور .
دون أن تفكر بأي شيء أبدا .
ولكن الآن ، هناك عمر وسعادته ، هيفاء وإرضائها ، والدتها وراحتها !
لمَ سعادتها وراحتها ليست في القائمة ؟

رواية | وبي شوقٌ إليك أعّل قلبي.Donde viven las historias. Descúbrelo ahora