البارت الثالث ♥️

4.7K 120 12
                                    


في الصباح الباكر
عمّ الهدوء أرجاء المنزل , بعد أن سهروا الليل بطوله .
صلوا الفجر وذهبوا للنوم .
إلا هي .
نامت بوجه مبلل من الدموع , واستيقظت برأس مصاب بالدوار الشديد .
ابتلعت حبة مسكنة , ثم توضأت لتصلي الفجر , وتقرأ وردها اليومي .
بعدها ارتدت لباسا رياضيا .
واتجهت إلى الصالة الصغيرة , التي اعدتها لتمارس الرياضة .
بها بعض الأجهزة الغالية الثمن .
والديها لم يبخلا عليها بشيء , طوال سنوات مكوثها داخل سجنها المنزلي .
لذا استطاعت أن تحافظ على رشاقتها , ووزنها .
مارست الرياضة على مختلف أنواع الأجهزة , لمدة نصف ساعة .
ثم استحمت وارتدت قميصا واسعا طويلا , باللون الكحلي كالعادة .
أجمعت شعرها بعشوائية دون أن تجففه .
لتهبط إلى الدور السفلي , وهي متأكدة تماما بأن الجميع نيام .
دخلت إلى المطبخ , كان نظيفا تماما .
يبدوا أنهم نظفوا كل شيء قبل أن يناموا .
فتحت الثلاجة لتخرج البيض والزيتون .
إلا أن الصوت الغريب الذي أتاها من ناحية الباب الخارجي للمطبخ , أجفلها .. ليسقط من يدها كل شيء / صباح الخير يُمنى .
ارتجفت وهي تغلق باب الثلاجة ببطء , وتعود إلى الخلف بتلقائية حتى ارتطم ظهرها بالخزانة .

ليصلها صوته الهاديء / لا تخافين يُمنى , ما راح أدخل ولا بسوي لك شيء .
ابتعلت ريقها بارتباك وخوف , ولم تقل شيء .
مرة أخرى تحدث بخفوت / حبيت أتطمن عليك , إن شاء الله إنك بخير ؟
زمت شفتيها بقوة , وعيناها ترمشان بسرعة , وعلى وشك أن تذرف الدموع .
تشد على قميصها بقوة , حتى ابيضت مفاصل يدها .
سأل / يُمنى ؟ إنتي موجودة ؟
تنهدت , تستجمع قوتها لتخرج هذه العبارة القصيرة / روح يا عايض .
أغمض عيناه , حين أتاه صوتها أخيرا / الحمدلله إنك بخير , بس تدرين .. عيونك أمس , كانت تقول لي العكس , كانت تترجاني أبقى .
أمسكت نفسها بقوة , لكي لا تبكي وتنهار / لا تكذب , ما شفت عيوني من بعيد .
ضحك / كنتت أعرف اللي فيك وأنا في المدينة , تعتقدين ما بعرف وما بيني وبينك إلا الشباك ؟
تنفست مرة أخرى بعمق / روح يا عايض .
صدمها بما قاله / أحبك .
لترفع عيناها بدهشة وذهول , وتبصر كتفه من النافذة .
تنهدت بوجع , وعيناها تذرفان الدمع أخيرا .
كم تمنت لو استطاعت أن تلمس ذلك الكتف , أو تبكي عليه .
مشتاقة إليه بشدة .
ولكن , لا تستطيع .
لن تعود إليه أبدا مهما حصل .
إتيانه أوجعها أكثر مما أسعدها .
لم ينبغي عليه أن يأتي , إطلاقا .
أو على الأقل , لم يكن عليه أن يأتي ويتحدث إليها .
ضحك عائض / صدمتك ؟ ترى سهرت الليل كله عشانك , لأني عارف إنك نمتي بدري , وبتصحين الفجر , تتريضين نص ساعة بعد الصلاة وتنزلين عشان تفطرين , ما تغير جدولك , ظل ثابت مثل ما هو .
عضت شفتها بقوة , وهي تحاول أن توقف بكاءها .
كانت تود أن تعاتبه , أن تسأله عن سبب ابتعاده .
إلا أن صوت خطوات آتية من داخل الصالة , جعلها تتحدث بسرعة / روح يا عايض , في احد جاي .
قالتها ومسحت دموعها سريعا .
ثم أسرعت نحو المغسلة لتغسل وجهها بقوة .
التفتت حين سمعت صوت مساعد / صباح الخير .
ردت بهدوء وهي تجفف وجهها بالمنديل / صباح النور , ما نمت ؟
هز رأسه نفيا وهو يجلس على أحد الكراسي حول الطاولة / لا , انتظرتك تنزلين عشان أتطمن عليك , ايش فيه جوالك مقفل ؟
ردت وهي تنظف الفوضى بجانب الثلاجة , وتحاول أن يكون صوتها ثابتا بقدر الإمكان / نسيت أشحنه .
صمت قليلا , يحاول أن يعرف ما بها من خلال ملامحها / إنتي بخير ؟
هزت رأسها بإيجاب / إيه أكيد بخير , وش بيكون فيني يعني ؟
تأملها لبعض الوقت , قبل أن يقول / أقصد عشان , عايض جا بعد فترة طويلة .
ضحكت وهي تقف بعد أن انتهت من التنظيف / وش دخلني فيه ؟
عقد حاجبيه / سمعتي عن جيته صح ؟
أومأت بإيجاب / إيه سمعت يا مساعد , وخلاص تكفى الله يسعدك قفل الموضوع , أنا وعايض انتهينا من زمان .

رواية | وبي شوقٌ إليك أعّل قلبي.Where stories live. Discover now